وليد خازندار

سطوة المساء

1996

ــــــــــــــــــــــــــــــ

الشراع، ثانيةً

 

ليسَ‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينامَ

قليلاً،‭ ‬ويصحو‭:‬

ينزعُ‭ ‬الهديرَ‭ ‬عن‭ ‬كتفيهِ‭ ‬

والجهاتِ‭ ‬عن‭ ‬صدرِهِ

ويخلِّصُ‭ ‬الهالاتِ‭ ‬من‭ ‬عرواتِ‭ ‬القميص‭.‬

 

أكانَ‭ ‬حقَّاً‭ ‬هباءً‭ ‬كُلُّ‭ ‬ما‭ ‬مَرَّ

رميةً‭ ‬قد‭ ‬ارتدَّتْ‭ ‬وانتهى‭ ‬الأمرُ

أولم‭ ‬يبق‭ ‬غيرُ‭ ‬قوسِ‭ ‬البدايةِ‭ ‬المشدودِ‭ ‬هذا؟

‭ ‬

الخزفُ‭ ‬الأزرقُ‭ ‬ما‭ ‬يزالُ‭ ‬مُهَدَّداً‭ ‬بِحُمْرَةٍ‭ ‬شفيفةٍ‭ ‬

والصَدْعُ‭ ‬في‭ ‬الجدارِ‭ ‬صاعدٌ‭ ‬في‭ ‬انشقاقِهِ‭ ‬

إلى‭ ‬السقفِ‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ينخفضُ

والغبارُ،‭ ‬طلعُ‭ ‬الغيابِ

ذاهلٌ‭ ‬على‭ ‬الأشياءِ‭ ‬كُلِّها‭.‬

الماضي‭ ‬جالسٌ‭ ‬على‭ ‬الأريكةِ

فارداً،‭ ‬في‭ ‬انتظارِهِ،‭ ‬على‭ ‬الكرسيَّ‭ ‬ساقيهِ‭ ‬

عند‭ ‬النباتاتِ‭ ‬العديمةِ‭ ‬

في‭ ‬الهواءِ‭ ‬الثقيلِ‭ ‬

تحتَ‭ ‬الإطاراتِ‭ ‬التي‭ ‬تشدُّ‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬غادروا‭. ‬

 

كيفَ‭ ‬مَرَّتْ‭ ‬الأرضُ‭ ‬سريعةً

شاطئاً‭ ‬فشاطئاً؟

 

من‭ ‬الشُبَّاكِ،‭ ‬خلفَ‭ ‬الموجِ

لاحَ‭ ‬الشراعُ‭ ‬ذاتُهُ

الأبيضُ‭ ‬الممزَّقُ‭ ‬الذي‭ ‬يقودُ‭ ‬الرياح‭. ‬

 

 

 

 

 

أوراق،‭ ‬جذور

 

سَيِّدُ‭ ‬ما‭ ‬تبقَّى

يفتحُ،‭ ‬بعدَ‭ ‬ليلةِ‭ ‬الأمسِ،‭ ‬الستارة‭.‬

العصافيرُ‭ ‬غادرَتْ‭ ‬

والشجيراتُ‭ ‬مرميَّةٌ

هُنا‭ ‬وهُناكَ‭ ‬في‭ ‬انكسارها‭.‬

ليست‭ ‬في‭ ‬الأعالي‭ ‬الثمارُ‭ ‬

والأوراقُ‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تستمدُّ‭ ‬زهوتَها‭. ‬

 

صباحٌ‭ ‬رَخْوٌ،‭ ‬علاوةً‭ ‬

لا‭ ‬يستطيعُ‭ ‬أن‭ ‬يكملَ‭ ‬الليلَ‭ ‬

ولا‭ ‬أن‭ ‬يشدَّ‭ ‬نهاراً‭ ‬وراءه‭.‬

 

كان‭ ‬يريدُ‭ ‬صباحاً‭ ‬قويّاً

ليشاورَ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬نفْسَهُ

أأبدأُ‭ ‬من‭ ‬جديد؟

كان‭ ‬يريدُ‭ ‬أن‭ ‬يسألَ‭ ‬جذعاً‭ ‬واحداً‭ ‬لو‭ ‬تريَّثَ‭:‬

من‭ ‬أينَ‭ ‬الخرابُ‭ ‬هذا‭ ‬كُلُّهُ؟

أكانَ‭ ‬الأمرُ‭ ‬في‭ ‬الرياحِ،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬الجذور؟

 

هَوَتْ‭ ‬عيناهُ‭ ‬

على‭ ‬الياسمينةِ‭ ‬التي‭ ‬تسلَّقَتْ‭ ‬حياتَهُ‭ ‬وكلامَهُ

لم‭ ‬يبق‭ ‬شيء‭.‬

السماءُ‭ ‬تَرْمَدُّ‭ ‬أكثرَ‭ ‬

وهو‭ ‬واقفٌ،‭ ‬سيِّداً‭ ‬لما‭ ‬تبقَّى‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

الليل‭ ‬ومضة‭ ‬

 

لم‭ ‬يكن،‭ ‬إلى‭ ‬أينَ،‭ ‬يعرفُ‭ ‬

هذا‭ ‬البابُ‭ ‬يفضي‭.‬

ولا‭ ‬لماذا‭ ‬النباتاتُ‭ ‬عندَهُ

صفراءُ‭ ‬محنيَّةٌ‭.‬

وأكثرَ‭ ‬ما‭ ‬تحيّرَ‭ ‬منهُ‭ ‬الوردُ‭ ‬

ظمآنُ‭ ‬ساكتٌ،‭ ‬غيرُ‭ ‬مكترثٍ،‭ ‬حميماً‭ ‬

وقابضٌ‭ ‬على‭ ‬ألوانِهِ‭.‬

 

الخيولُ‭ ‬على‭ ‬الجدارِ‭ ‬

تَعْبَى،‭ ‬رماديةٌ‭ ‬

وتوشكُ،‭ ‬عند‭ ‬الغيمِ،‭ ‬سوداء‭.‬

 

لأيِّ‭ ‬أجْلٍ‭ ‬هو‭ ‬الآنَ‭ ‬هُنا؟‭ ‬

أليست‭ ‬لهُ،‭ ‬دون‭ ‬هذا،‭ ‬صحبةٌ‭ ‬

سحرٌ‭ ‬وأخيلةٌ‭ ‬وركوةٌ؟

أليسَ‭ ‬إلى‭ ‬نفْسِهِ‭ ‬الذئبُ‭ ‬أَمْيَلُ؟

ألم‭ ‬يقل‭ ‬هو‭ ‬نفْسُهُ‭ ‬مرَّةً‭:‬

أفقٌ‭ ‬إبرةٌ

عوسجٌ‭ ‬حائكٌ،‭ ‬إذَن؟

 

في‭ ‬خطفةٍ،‭ ‬لم‭ ‬يدرِ‭ ‬كيف،‭ ‬خارجاً

عادَ‭ ‬وجهُهُ‭ ‬يشبهُهُ‭.‬

الهواءُ‭ ‬ساحرٌ‭ ‬والظلالُ‭ ‬آياتٌ‭ ‬

والأشجارُ‭ ‬مشغولةٌ‭ ‬حَسْبُ‭ ‬في‭ ‬ثمارِها

والليلُ‭ ‬ومضةٌ‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

حطّابون‭ ‬

 

أسوارُكَ،‭ ‬ثغراتُها‭ ‬

تلكَ‭ ‬التي‭ ‬عبرناها‭ ‬كثيراً

ضاحكَيْنِ،‭ ‬تحتَ‭ ‬آخِرِ‭ ‬الثمار‭. ‬

 

الشِراكُ‭ ‬في‭ ‬نبرِكَ

والكلامُ‭ ‬المراوغُ

عند‭ ‬النبع‭ ‬الذي‭ ‬يجفّ‭ ‬من‭ ‬طفولتنا‭.‬

 

إختلافاتُكَ‭ ‬في‭ ‬طقسٍ‭ ‬واحدٍ

واختلافُ‭ ‬العشيَّات‭ ‬عليك‭. ‬

 

الخيطُ‭ ‬الذي‭ ‬قَصَّرَ

خيطُ‭ ‬عودتِكَ‭ ‬إنْ‭ ‬أَرَدْتَ

كُلُّ‭ ‬هذا،‭ ‬كُلُّ‭ ‬هذا‭.‬

 

أنتَ‭ ‬الآنَ‭ ‬أَسْمَرُ‭ ‬

من‭ ‬كثرةِ‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تأتِ‭ ‬البراعم‭.‬

والملامساتُ‭ ‬الكثيرةُ

للثمارِ‭ ‬التي‭ ‬غادرَتْ‭ ‬أوانَها‭ ‬

تشبُّ‭ ‬من‭ ‬عينيكَ

من‭ ‬بساتينَ‭ ‬بعيدة‭. ‬

 

ساهرٌ‭ ‬أنتَ،‭ ‬ما‭ ‬تزالُ،‭ ‬عند‭ ‬أسواركَ

عند‭ ‬ثغراتِها‭.‬

وحين‭ ‬لا‭ ‬عناقيدَ‭ ‬أيضاً

في‭ ‬عامِنا‭ ‬هذا

"للدنِّ‭ ‬ذاكرةٌ"،‭ ‬تقولُ

وإن‭ ‬الشتاءُ،‭ ‬ثانيةً،‭ ‬جاءَ‭ ‬بارداً،‭ ‬باردا

"نحنُ‭ ‬حطَّابونَ"،‭ ‬تُكْمِل‭. ‬

 

العتمةُ‭ ‬الناصعةُ‭ ‬هذهِ‭ ‬

أنتَ‭ ‬في‭ ‬نصفها‭ ‬الثالثِ‭ ‬صلَّبْتَني‭ ‬

"عَزْمُكَ،‭ ‬عزمُكَ،‭ ‬قد‭ ‬وصلنا‭ ‬

لم‭ ‬تبق‭ ‬أمامَنا‭ ‬غيرُ‭ ‬المتاهةِ‭ ‬هذِهِ

بعدَها،‭ ‬حَسْبُ،‭ ‬صحراءُ"‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

على‭ ‬حذر

 

أَعْلى‭ ‬من‭ ‬سُدفةٍ

على‭ ‬الفجرِ،‭ ‬انتظارُكَ‭.‬

إجلسْ‭ ‬إذَنْ

على‭ ‬الأريكةِ‭ ‬ذاتِها

كما‭ ‬لو‭ ‬أنَّها‭ ‬المرةُ‭ ‬الأولى،‭ ‬شروداً

وما‭ ‬شئتَ‭ ‬أوسِعْ‭ ‬بسمةَ‭ ‬الزعمِ‭.‬

 

أأجيءُ‭ ‬بالماءِ‭ ‬إلى‭ ‬يديكَ

متعبتين‭ ‬من‭ ‬البداهةِ؟

أأجيءُ‭ ‬بألفةِ‭ ‬الصحراءِ‭ ‬أخيلةً

ريماً‭ ‬حليماً‭ ‬آسراً

أم‭ ‬أنّكَ‭ ‬سوف‭ ‬تحترفُ‭ ‬الفداحةَ‭ ‬ــ

غيمةٌ‭ ‬بيضاءُ،‭ ‬حقلُ؟

 

على‭ ‬النارِ‭ ‬الشكيَّةُ

السكتُ‭ ‬ثلجٌ‭ ‬ويشتدُ

تلعثمْ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬دريئةً،‭ ‬نبوةً

أستبقى‭ ‬تواصلُ‭ ‬الكأسَ‭ ‬ذاتَها

على‭ ‬حذرٍ

وتخبِّئُ‭ ‬الغصَّاتِ‭ ‬في‭ ‬الكِبْرِ؟

 

إلى‭ ‬أين‭ ‬في‭ ‬إثركَ‭ ‬المنأى‭ ‬

وماذا‭ ‬بعدُ‭ ‬تنتوي؟

أتريدُ‭ ‬منطقاً‭ ‬عالياً

إلى‭ ‬الجوزاءِ،‭ ‬جوزاءينِ،‭ ‬للصمتِ؟ِ

أتريدُ‭ ‬أن‭ ‬يصبحَ‭ ‬العوسجُ‭ ‬شوكةً‭ ‬حسْبُ؟

 

 

 

 

 

 

غيمة،‭ ‬غيمتان‭ ‬

 

المساربُ‭ ‬ليس‭ ‬تُفْضِي

هَهُنا،‭ ‬إلى‭ ‬نبأةٍ‭.‬

وفي‭ ‬اختلافِكَ‭ ‬صافناً

بين‭ ‬صمتٍ‭ ‬وصمتٍ

لائذاً،‭ ‬ضَمَّةً،‭ ‬بالكسرِ‭ ‬

لن‭ ‬تستسيغَ،‭ ‬بعدُ

أن‭ ‬تقولَ‭ ‬الشمسُ‭ ‬بعدَ‭ ‬غيمةٍ

أو‭ ‬غيمتين‭.‬

 

لا‭ ‬سرابَ‭ ‬لتستدلَّ

في‭ ‬المجازاتِ‭ ‬الضيِّقةِ

حولَ‭ ‬المنزلِ‭ ‬العديمِ‭  ‬هذا‭. ‬

والليلُ‭ ‬الذي‭ ‬دونما‭ ‬عشيَّةٍ

نهارُهُ‭ ‬دونَ‭ ‬فجرٍ‭ ‬دائماً‭.‬

 

تسمعُ‭ ‬الآنَ‭ ‬صَخَبَاً

أو‭ ‬كأنَّكَ‭ ‬

زُرْقَةً‭ ‬وأشرعةً‭ ‬وشيئاً‭ ‬مثلَ‭ ‬تلويحةٍ‭ ‬

وتسمعُ‭ ‬مطراً‭ ‬غائباً

على‭ ‬نوافذَ‭ ‬ليست‭ ‬هُنا‭. ‬

 

إفتحْ‭ ‬البابَ‭ ‬العديمَ‭ ‬هذا،‭ ‬إذَن‭.‬

واصغِ‭ ‬عميقاً‭ ‬إلى‭ ‬وقعكَ

دونَ‭ ‬خطوٍ

تحتَ‭ ‬غفوةِ‭ ‬الشمسِ

بينما‭ ‬يتماسكُ‭ ‬الثَمَرُ‭.‬

 

 

 

 

 

 

في‭ ‬نفرةٍ،‭ ‬أليفاً

 

وَشْكَاً‭ ‬لوخزةٍ‭ ‬

تشدُّ‭ ‬ظلَّكَ‭ ‬خلفكَ

حينما‭ ‬الندى‭.‬

وإذ‭ ‬ترتدُّ،‭ ‬راكداً

دونَ‭ ‬رعدةِ‭ ‬الفجرِ‭ ‬الذي‭ ‬تشتهي‭ ‬

تُغْضِي‭ ‬على‭ ‬غيمةٍ،‭ ‬وتحنو‭.‬

 

ترفٌ‭ ‬عطشُ‭ ‬الكلامِ

على‭ ‬يديكَ،‭ ‬إلى‭ ‬البداهةِ‭.‬

أنتَ‭ ‬قد‭ ‬عاليتَ‭ ‬عتماً،‭ ‬سُدْفَةً‭ ‬سُدْفَةً‭ ‬

وعرفتَ‭ ‬من‭ ‬خَفَضٍ

أنَّ‭ ‬بينَ‭ ‬الظِلِّ‭ ‬وارتعاشتِهِ

مسافةً‭ ‬منأى

ولاوذتَ‭ ‬أفقاً‭ ‬ضاقَ‭ ‬كُلَّما‭ ‬اقترب‭. ‬

 

كيفَ‭ ‬استطعتَ‭ ‬أنْ،‭ ‬في‭ ‬سرحةٍ

تستعيدَ‭ ‬من‭ ‬الرتاجِ‭ ‬البعيدِ‭ ‬انتظاراتكَ‭ ‬كُلَّها

وتنتظرُ؟

كيفَ،‭ ‬وأنتَ‭ ‬في‭ ‬ارتيابِكَ،‭ ‬لم‭ ‬تلتبس‭ ‬

بين‭ ‬محابسِ‭ ‬الوردِ

والياسمينِ‭ ‬الذي‭ ‬يتسلَّقُ‭ ‬الأسوار؟

ثُمَّ‭ ‬كيفَ‭ ‬لبثتَ‭ ‬في‭ ‬نفرةٍ‭ ‬أليفاً‭ ‬وتُؤتَلَفُ؟‭ ‬

 

سَرَفٌ‭ ‬منكَ‭ ‬هذا‭ ‬السُّدى‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

شواطئ‭ ‬مستهامة‭ ‬

 

هل‭ ‬تأسَّيْتَ

تارةً‭ ‬إذ‭ ‬تنوَّرْتَ‭ ‬من‭ ‬ثمالةٍ‭ ‬دَفَّةً

ومن‭ ‬قبلِ‭ ‬تاراتٍ‭ ‬

وقد‭ ‬أُرْعِشَتْ‭ ‬من‭ ‬وجْدَةٍ‭ ‬منكَ‭ ‬اليدُ؟

 

كم‭ ‬تَلَبَّثْتَ‭ ‬واصلاً‭ ‬عُمْراً‭ ‬بعمرٍ‭ ‬ــ

الفجرُ‭ ‬خيطٌ‭ ‬ذاهلٌ‭ ‬

العشيَّةُ‭ ‬إبرةٌ

وكُلَّما‭ ‬مَزْقٌ‭ ‬تعودُ‭ ‬وتبدأُ‭. ‬

 

أأدركْتَ‭ ‬بعدَ‭ ‬عمرينِ

ما‭ ‬تركْتَ‭ ‬دونَ‭ ‬تَلَفُّتٍ‭.‬

أصاغتْكَ‭ ‬العشيَّاتُ‭ ‬

من‭ ‬غيرِ‭ ‬رجعةٍ

ملتبساً،‭ ‬مثلَها،‭ ‬سدفةً‭.‬

البحرُ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مترينِ‭ ‬بعد‭ ‬البابِ

لم‭ ‬يعد‭ ‬حيلةَ‭ ‬النافذة‭. ‬

خرجْتَ،‭ ‬لكنَّكَ،‭ ‬قبلَ‭ ‬الشمسِ‭ ‬

بعد‭ ‬كرومٍ‭ ‬كثيرةٍ‭ ‬

وهتفْتَ‭: ‬موجةٌ‭.‬

 

تَلَبّثَتْ‭ ‬بعينيكَ‭ ‬بعدَها‭ ‬

شواطئُ‭ ‬مستهامةٌ‭ ‬

وفي‭ ‬يديكَ‭ ‬تألَّقَتْ‭ ‬هزَّةُ‭ ‬الأشرعة‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

إنتظر،‭ ‬بعد

 

ستراهُ‭ ‬إنْ‭ ‬جلسْتَ‭ ‬هُنا‭ ‬

واضحاً،‭ ‬عندما‭ ‬يجيء‭.‬

خطوةٌ‭ ‬وَتَرٌ

شحوبُ‭ ‬شوكةٍ‭.‬

 

سوف‭ ‬ينطوي‭ ‬في‭ ‬الظلِّ

خلفَ‭ ‬طاولةٍ‭ ‬أمامَكَ‭:‬

قهوةٌ،‭ ‬كوبُ‭ ‬ماءٍ‭ ‬

سوف‭ ‬ينتظرانِهِ

ذاهبَيْنِ‭ ‬كُلٌّ‭ ‬في‭ ‬وِجْهَةٍ‭.‬

 

لا‭ ‬تظنُّ‭ ‬أنَّهَ‭ ‬استحالَ‭ ‬حجراً‭ ‬دون‭ ‬رفّةٍ‭. ‬

وإنْ‭ ‬غابَ‭ ‬وجهُهُ‭ ‬في‭ ‬ركنِهِ

فاعلم‭ ‬أنّهَا‭ ‬العشيَّةُ

أدركَتْهُ،‭ ‬فأعتمته‭.‬

بعد‭ ‬نصفِ،‭ ‬أو‭ ‬ساعةٍ،‭ ‬ربَّما

سيأخذُ‭ ‬رشفةً‭.‬

شارباً،‭ ‬قبلُ،‭ ‬من‭ ‬ماءٍ‭ ‬فاترٍ‭. ‬

ثُمَّ‭ ‬لن‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬حياتِكَ‭ ‬مِدْيَةً‭ ‬

آنها،‭ ‬مثلَ‭ ‬بسمتِهِ‭. ‬

 

وانتظِرْ،‭ ‬بعدُ‭.‬

سوف‭ ‬يأتونَ‭ ‬

وسيبدؤونَ،‭ ‬صاخبينَ

تحتَ‭ ‬الضوءِ‭ ‬سهرتَهم‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

قليلاً،‭ ‬مدينةً‭ ‬

 

هُنا،‭ ‬سيهدؤونَ،‭ ‬قليلاً،‭ ‬مدينةً‭.‬

تعبوا،‭ ‬تعبَتْ‭ ‬قطعانُهم

والقمحُ‭ ‬في‭ ‬أكياسِهم‭ ‬يرعشُ‭. ‬

 

سيجرحونَ‭ ‬الزمانَ،‭ ‬هُنا

منازلَ‭ ‬مثلَ‭ ‬خيالِهم

عشواءَ‭ ‬جانحةً‭ ‬

تطيشُ،‭ ‬غُرْفَةً‭ ‬غُرْفَةً

من‭ ‬قوسِ‭ ‬أعمارِهم‭ ‬في‭ ‬الأزل‭. ‬

 

سيبرؤونَ‭ ‬الطينَ‭ ‬آنيةً

أقداماً‭ ‬فوق‭ ‬سطحِ‭ ‬البحرِ

ذاهلاً‭ ‬هشَّاً،‭ ‬وأكثرَ‭ ‬حِكْمَةً‭.‬

 

فجأةً،‭ ‬على‭ ‬مَهَلٍ‭ ‬

يرفعونَ‭ ‬رؤوسَهم‭ ‬الى‭ ‬الأعالي‭ ‬

ويُطْرِقونَ،‭ ‬ساكتين‭.‬

إنّهم‭ ‬يسمعونَ‭ ‬طراوةَ‭ ‬النحاسِ‭ ‬

بين‭ ‬النهرينِ،‭ ‬في‭ ‬التَشَكُّل‭.‬

إنَّهم‭ ‬يسمعونَهُ‭ ‬يَرِنُّ

صيحةً،‭ ‬صيحةً،‭ ‬في‭ ‬الأبد‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبواب‭ ‬المغيب‭ ‬

 

المعتمونَ‭ ‬في‭ ‬هالةٍ،‭ ‬مُرِّي‭ ‬بنا‭.‬

أَرْجِعي‭ ‬إلى‭ ‬عيونِنا‭ ‬سرحةَ‭ ‬الأفقِ

ربَّما‭ ‬يستدلُّ‭ ‬إلى‭ ‬خطوِنا‭ ‬وَقْعُهُ‭.‬

عَلِّمي‭ ‬دروبَنا‭ ‬زهوةَ‭ ‬الصبحِ‭ ‬ثانيةً‭ ‬

علَّنا،‭ ‬أمامَ‭ ‬عتباتِنا

نستردُّ‭ ‬هيئتَنا‭. ‬

 

نحن‭ ‬أضعنا‭ ‬أبوابَنا‭ ‬

فارتبكَتْ‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬مفاتيحُنا‭ ‬

وظلالُنا‭ ‬صَغُرَتْ

والشمسُ‭ ‬الى‭ ‬المغيب‭. ‬

 

نَعْثِرُ‭ ‬مَرَّةً،‭ ‬وَمرَّةً‭ ‬لا‭ ‬نهتدي‭ ‬

ولا‭ ‬نعرف،‭ ‬ثالثةً

أين‭ ‬نخبِّئُ‭ ‬ما‭ ‬استعصى‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬وَمْضِنا‭.‬

القادمونَ‭ ‬من‭ ‬عسلٍ‭ ‬قويٍّ

نأخذُ‭ ‬الآنَ‭ ‬شكلَ‭ ‬زهرةٍ‭ ‬لا‭ ‬تشبهُ‭ ‬نسغَها.

مُرِّي‭ ‬ولو‭ ‬لمرَّةٍ‭ ‬أخيرةٍ‭ ‬بِنا‭ ‬

أنتِ‭ ‬نحلتُنا‭ ‬الخبيرةُ‭ ‬في‭ ‬التباساتِ‭ ‬الرحيق‭.‬

أنتِ‭ ‬عصفٌ‭ ‬يرتِّبُ‭ ‬أوراقَنا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الآن،‭ ‬أمامنا

 

هو‭ ‬ليس‭ ‬الصباحُ‭ ‬الذي‭ ‬سهرنا‭ ‬

وتطاولَتْ‭ ‬أشجارُنا‭ ‬من‭ ‬أجلِهِ‭ ‬

لكنَّه‭ ‬واضحُ‭ ‬المساءِ‭ ‬كفايةً‭. ‬

 

أنقولُ‭ ‬السنابلُ‭ ‬استيقظَتْ‭ ‬على‭ ‬مجيئِهِ

واستيقظَ‭ ‬الأفقُ؟

ونذهبُ‭ ‬واثقِينَ،‭ ‬ربّما

على‭ ‬دروبٍ‭ ‬رخوةٍ‭ ‬

إلى‭ ‬مواسمَ‭ ‬ندَّعيها؟

 

أنزعمُ‭ ‬أنَّها‭ ‬تشرقُ‭ ‬الآنَ‭ ‬علينا‭ ‬

بينما‭ ‬نمضي

بلا‭ ‬ظلالٍ

في‭ ‬عتمةٍ‭ ‬طويلة؟

 

هو‭ ‬ليس‭ ‬صباحاً‭ ‬عفيّاً‭. ‬

لكنَّهُ‭ ‬ينذرُ

بالعشيَّةِ‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬انتظارنا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

درز‭ ‬رهيف‭ ‬

 

قد‭ ‬تكونُ‭ ‬تنتوي‭ ‬أنْ‭ ‬تُصَلِّي‭.‬

ولعلّها،‭ ‬بعد‭ ‬سلامينِ

تاركةً‭ ‬للفراغِ‭ ‬نفْسَها‭.‬

يدُها‭ ‬على‭ ‬شالِها‭ ‬

تستتبعُ‭ ‬الدرْزَ‭ ‬الرهيفَ‭ ‬

واقفةً‭ ‬عند‭ ‬انقطاعِ‭ ‬الخيط‭. ‬

 

أتكونُ‭ ‬تستدرجُ‭ ‬اليمامَ‭ ‬إلى‭ ‬صباحِها

نَفُوراً‭ ‬من‭ ‬البابِ،‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬التحيّاتِ‭ ‬

من‭ ‬العتباتِ،‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬الخُطى‭ ‬

تستعجلُ‭ ‬ما‭ ‬اصفرَّ‭ ‬من‭ ‬أوراقِ‭ ‬الدالية؟

 

هي‭ ‬الآنَ،‭ ‬كيفما،‭ ‬في‭ ‬الكثافةِ‭ ‬الغريبةِ‭ ‬

كثافةِ‭ ‬ألّا‭ ‬يكونَ‭ ‬أحد‭.‬

تسمعُ‭ ‬كيفَ‭ ‬كنتَ‭ ‬تَشُقُّ‭ ‬الهواءَ

جذوةً‭ ‬نحوَها‭ ‬

وكيفَ‭ ‬كانَ‭ ‬الهواءُ‭ ‬يستديرُ‭ ‬

ليملأَ‭ ‬الفراغَ‭ ‬ثانيةً؛‭ ‬الفراغُ‭ ‬دائماً‭. ‬

 

أذاهبٌ‭ ‬أنتَ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشتاءِ‭ ‬المُرِّ

منطفئاً،‭ ‬إليها؟‭ ‬

كيف‭ ‬تهتدي‭ ‬إليكَ،‭ ‬دونَ‭ ‬نارِكَ؟‭ ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المجاذيف‭ ‬العِناد

 

من‭ ‬شهقةٍ‭ ‬في‭ ‬زنقةِ‭ ‬الشمسِ‭ ‬

من‭ ‬سندسٍ،‭ ‬في‭ ‬ارتيابِ‭ ‬الفجرِ‭ ‬يحجبُها‭ ‬

المستريبةُ‭ ‬السافرة‭. ‬

 

شراعٌ‭ ‬بعيدٌ‭ ‬أطْلَساً‭ ‬إلى‭ ‬البحرِ‭ ‬

زرقةٌ،‭ ‬لا‭ ‬مراكبً

زرقةٌ،‭ ‬المجاذيفُ‭ ‬العِناد‭.‬

رقَّةٌ،‭ ‬رِقَّةٌ

موجةٌ‭ ‬في‭ ‬السرِّ‭ ‬تعلو‭ ‬وتنكسرُ‭.‬

 

لكنَّهُ‭ ‬الكوفيُّ

قاسٍ‭ ‬هُنا‭ ‬من‭ ‬غربةٍ‭ ‬ومؤتلفٌ

عَصيٌّ‭ ‬ويهجس‭.‬

 

من‭ ‬سيرابطُ‭ ‬الآنَ‭ ‬بينَ‭ ‬السرو‭ ‬والندى

من‭ ‬سيوحِّدُ‭ ‬سيفاً‭ ‬ورحمةً‭.‬

من‭ ‬يعلِّمُ‭ ‬القرويينَ،‭ ‬ثانيةً

درساً‭ ‬في‭ ‬رهافةِ‭ ‬الفيروز‭.‬

مُرِّي،‭ ‬إذَنْ،‭ ‬ملحونَةً‭ ‬طَروباً

رياحَ‭ ‬الشمالِ،‭ ‬مُرِّي‭. ‬

 

من‭ ‬نسيجٍ‭ ‬ذاهلٍ‭ ‬وحبكةٍ‭.‬

كان‭ ‬عارياً‭ ‬حينها‭ ‬الأقحوانُ‭ ‬وفاجراً

والماءُ‭ ‬طائشاً‭ ‬من‭ ‬الأعالي‭ ‬

وكان‭ ‬في‭ ‬البُعدِ‭ ‬صفصافٌ‭ ‬خجول‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

ضوء‭ ‬بعيد

 

بقسوةٍ‭ ‬بارداً‭ ‬

يشدُّ‭ ‬الخريفُ‭ ‬إليهِ‭ ‬أشجارَنا‭ ‬العارية‭.‬

لو‭ ‬تحرِّرينَ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬العصافيرَ

من‭ ‬أطرافِ‭ ‬أصابعكِ

وتُفْرِجينَ،‭ ‬بسمةً‭ ‬صغيرةً،‭ ‬بسمةً

عن‭ ‬هذِهِ‭ ‬الصيحةِ‭ ‬الحبيسةِ‭ ‬التي‭ ‬أراها‭. ‬

 

غَنِّي،‭ ‬أيمكنُ‭ ‬أن‭ ‬نُغَنِّي‭ ‬

كما‭ ‬لو‭ ‬أنَّنا،‭ ‬خفيفَينِ،‭ ‬يداً‭ ‬في‭ ‬يدٍ

نحتمي‭ ‬بالظلالِ‭ ‬تحت‭ ‬شمسٍ‭ ‬قويَّةٍ؟

أتظلِّينَ‭ ‬هكذا،‭ ‬تعزِّزينَ‭ ‬النارَ

جميلةً‭ ‬أكثرَ‭ ‬ممَّا‭ ‬ينبغي‭ ‬وساكتة؟

 

العتمُ‭ ‬يشتدُّ

والضوءُ‭ ‬البعيدُ،‭ ‬سلوتُنا‭ ‬الوحيدةُ‭ ‬

ذاك‭ ‬الذي،‭ ‬منذُ‭ ‬البدءِ‭ ‬

شيئاً،‭ ‬كان‭ ‬يكبو،‭ ‬فشيئاً‭ ‬

يكادُ‭ ‬الآنَ‭ ‬ينطفئ‭.‬

 

تعالي‭ ‬إليَّ،‭ ‬أكثرَ،‭ ‬أكثرَ

أريدُ‭ ‬ألَّا‭ ‬أعرفَ‭ ‬من‭ ‬يدي‭ ‬يدَكِ‭. ‬

وحاذري‭ ‬أن‭ ‬ننامَ

سيطبقُ‭ ‬الثلجُ‭ ‬علينا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الظلال،‭ ‬سرقةً‭ ‬

 

النارُ‭ ‬هذِهِ‭ ‬ترانا‭. ‬

زَنْدُها‭ ‬يستدرجُ‭ ‬الحريرَ‭ ‬مبتعداً،‭ ‬قربَها

ساخناً‭ ‬في‭ ‬الظلالِ،‭ ‬في‭ ‬الكلام‭. ‬

 

الحريرُ‭ ‬قيدُهُ‭ ‬على‭ ‬الشَغَفِ‭ ‬

خفيفاً‭ ‬من‭ ‬الجرحِ‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬جرحٌ‭ ‬لأنَّهُ‭ ‬دائمٌ

غزالٌ‭ ‬ولوعةٌ،‭ ‬وليس‭ ‬يلتئمُ‭. ‬

 

الكلامُ‭ ‬شَرَكٌ‭ ‬أهدابُهُ‭ ‬على‭ ‬اللَّهبِ‭ ‬

وَشْكَاً‭ ‬ثُمَّ‭ ‬يرتدُّ‭.‬

سرقةً‭ ‬يسحبُ‭ ‬الظلال‭ ‬إلى‭ ‬انخطافِها‭.‬

غمدٌ‭ ‬لنصلينِ‭ ‬مُشْهَرينِ‭ ‬

ماءُ‭ ‬زهرٍ،‭ ‬صيحةٌ‭.‬

 

الصيحةُ‭ ‬سلَّةُ‭ ‬الجمرِ‭. ‬

شُبْهَةً‭ ‬يأخذُ‭ ‬ماءُ‭ ‬الزهرِ‭ ‬نبرتَها‭ ‬

خفيضاً‭ ‬ويجرحُ‭ ‬الليلَ‭ ‬

قريباً‭ ‬من‭ ‬النارِ‭ ‬التي‭ ‬ترانا‭ ‬

من‭ ‬زَنْدِها‭ ‬العاري‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سديدة،‭ ‬دون‭ ‬وجهة‭ ‬

 

مشدودةٌ‭ ‬على‭ ‬نَعَسٍ‭. ‬

كأنَّها‭ ‬فرَّتْ‭ ‬من‭ ‬النارنجِ،‭ ‬دونَ‭ ‬صيحةٍ‭ ‬

وكانوا‭ ‬يصنعونَ‭ ‬العطرَ‭ ‬ــ

قوسٌ‭ ‬عنيدٌ‭ ‬كأنَّها،‭ ‬بلا‭ ‬دريئةٍ،‭ ‬ضوعةً‭.‬

 

تمضي‭ ‬مع‭ ‬العيدِ،‭ ‬مستريبةً‭ ‬من‭ ‬الهدايا‭.‬

لائذةٌ‭ ‬بالهواءِ‭ ‬نارُها

خائفةٌ‭ ‬وتعلو

دونَ‭ ‬شَفَقٍ،‭ ‬هونَةً،‭ ‬إلى‭ ‬الومضِ‭.‬

 

نصلٌ‭ ‬نبرُها،‭ ‬آنها

عارفٌ‭ ‬بالكلامِ‭ ‬والوقعِ‭ ‬

راعشٌ‭ ‬في‭ ‬الصليلِ

قبلَ‭ ‬الجُرحِ،‭ ‬غالبٌ‭. ‬

 

أَلَقٌ،‭ ‬دمعةٌ‭ ‬،‭ ‬برعمٌ‭ ‬ينشَقُّ

نَوْرٌ‭ ‬في‭ ‬وَشْكِهِ‭ ‬ويلتبسُ‭ ‬ــ

ماءُ‭ ‬نارٍ،‭ ‬رحمةٌ‭.‬

 

الصيحةُ‭ ‬الآن‭.‬

‭ ‬الصيحةُ‭ ‬من‭ ‬أغوارٍ‭ ‬عميقةٍ‭ ‬

سديدةٌ‭ ‬دونَ‭ ‬وِجْهَةٍ‭.‬

موجٌ‭ ‬ويعلو،‭ ‬وأشرعةٌ‭ ‬وخطفٌ

والمحارةُ‭ ‬محروسةٌ،‭ ‬بعدُ

والدرُّ‭ ‬جذوةٌ‭.‬

 

رَمْيَتُها،‭ ‬رَمْيَتُها

طائشةً

وليس‭ ‬تخطئُ‭ ‬قوسُها‭.‬

 

 

 

أعمال‭ ‬يديها

 

من‭ ‬الثُّرَيَّا‭ ‬نازلٌ‭ ‬قميصٌ‭.‬

والتبغُ‭ ‬مطفأٌ

هنا‭ ‬وهناكَ،‭ ‬في‭ ‬سرعةٍ‭ ‬

وعلى‭ ‬البساطِ‭ ‬بُكْلَةٌ،‭ ‬وزوبعة‭.‬

‭ ‬

إناءُ‭ ‬الزهرِ‭ ‬مكسورٌ‭ ‬عندَ‭ ‬زاويةِ‭ ‬الجدار‭.‬

والمتاهةُ‭ ‬من‭ ‬غرفةِ‭ ‬النومِ‭ ‬إلى‭ ‬الجلوسِ‭ ‬مَلْأى‭ ‬

بكُلِّ‭ ‬ما‭ ‬يمكنُ‭ ‬أن‭ ‬يُهَشَّمَ‭ ‬في‭ ‬رميةٍ‭. ‬

 

أُلَملِمُ‭ ‬هادئاً‭ ‬مثلَ‭ ‬جمرةٍ

في‭ ‬غيابِها،‭ ‬أجزاءَها‭. ‬

أستدركُ‭ ‬الزهرَ،‭ ‬ثانيةً،‭ ‬قبلَ‭ ‬أن‭ ‬يذوي‭ ‬ــ

‭ ‬الطيورُ‭ ‬على‭ ‬الوسائدِ

تَرْعِشُ‭ ‬في‭ ‬ارتسامِها

والثعلبُ‭ ‬القماشُ‭ ‬كَفَّ‭ ‬يبتسم‭. ‬

لو‭ ‬أنَّها‭ ‬لا‭ ‬تعود‭.‬

لو‭ ‬أنَّ‭ ‬جحيماً‭ ‬تأخذُها‭ ‬

لو‭ ‬أستطيعُ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ

أنْ‭ ‬أُهَدِّئَ‭ ‬ذئبَ‭ ‬ذاكرتِها‭ ‬المجروحَ‭ ‬هذا‭. ‬

 

لا‭ ‬حدَّ‭ ‬لأعمالِ‭ ‬يديها‭. ‬

حكيمةٌ‭ ‬على‭ ‬الشوكةِ

والأوراقُ‭ ‬تذبلُ

فائرةٌ‭ ‬وصامتةٌ‭ ‬إلّا‭ ‬عندما‭ ... ‬

 

هو‭ ‬ذا‭ ‬خطُوها،‭ ‬يعلو‭ ‬وتقتربُ‭ ‬

وإنّني‭ ‬من‭ ‬خطوِها‭ ‬أمسيتُ‭ ‬أعرفُها

سريعٌ،‭ ‬وقحٌ،‭ ‬نافرٌ

تكادُ‭ ‬توشكُ،‭ ‬من‭ ‬فجورِها،‭ ‬أنْ‭ ‬قبلَهُ‭ ‬تصل‭.‬

 

ما‭ ‬الذي‭ ‬أفعلُ‭ ‬الآن؟

أأجعلُها‭ ‬ترشقُ‭ ‬الجدارَ‭ ‬بالزهرِ‭ ‬ثانيةً

وتسفقُ‭ ‬البابَ‭ ‬خلفَها

تاركةً،‭ ‬كعادتِها

كلاماً‭ ‬فادحاً‭ ‬مثلَها‭ ‬يرنُّ؟

أأسحبِ‭ ‬أيَّامي‭ ‬من‭ ‬أيَّامِها

فينهارُ‭ ‬عمرُنا‭ ‬معاً؟

 

هي‭ ‬ذي‭ ‬يداورُ‭ ‬البابَ‭ ‬مفتاحُها

تطيِّرُ‭ ‬في‭ ‬الهواءِ‭ ‬معطفَها‭ ‬وشالَها

وتقصُّ‭ ‬في‭ ‬مرحٍ‭ ‬على‭ ‬ركبتي‭ ‬

كيف‭ ‬مرَّ‭ ‬نهارُها‭ ‬بها‭.‬

وهأنذا‭ ‬أنسى‭ ‬كُلَّ‭ ‬شيءٍ‭ ‬لها

إلّا‭ ‬قداسَتها‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

‭ ‬

 

 

 

نار‭ ‬عالية‭ ‬

 

رَوْعٌ‭ ‬وَخْزَةٌ‭ ‬

يَفِزُّ‭ ‬من‭ ‬كُلِّها،‭ ‬من‭ ‬أيّما،‭ ‬وتشحب‭.‬

تطمئنُّ‭  ‬غَلْوَةً

بعدَها،‭ ‬وتستريبُ‭. ‬

 

مساؤها‭ ‬سطوةٌ‭. ‬

يَفِرُّ‭ ‬من‭ ‬يدِها‭ ‬الكلامُ‭ ‬في‭ ‬نَزَقٍ

طائعاً،‭ ‬فتحتدُّ‭:‬

عصفٌ‭ ‬وأغصانٌ‭ ‬

زهرُ‭ ‬لوزٍ،‭ ‬وتغفو‭.‬

 

تغفو‭ ‬لَبْثَةً

إلى‭ ‬سَلَسٍ،‭ ‬وتنتبِهُ‭:‬

خطواتٌ‭ ‬على‭ ‬الدرجاتِ

خطواتٌ‭ ‬عند‭ ‬البابِ‭ ‬تُبطئُ،‭ ‬ُ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬تَرْقى‭.‬

إنَّهُ،‭ ‬حَسْبُ،‭ ‬طبْعُها‭.‬

أو‭ ‬ربَّما‭ ‬وقعٌ

غادَرَ‭ ‬الأقدامَ‭ ‬التي‭ ‬رحلَتْ

لائذاً‭ ‬بمنازلِ‭ ‬الوَهَجِ‭ ‬الذي‭ ‬أَفَلَ‭. ‬

 

لا‭ ‬يعرفُ‭ ‬اللوزُ‭ ‬المرارةَ‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬انغلاقِها

والكَسْرُ‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬نَبْرِها‭ ‬رَبْكَةٌ‭.‬

كأنَّها،‭ ‬وهي‭ ‬حَدِّي،‭ ‬جريمةٌ‭ ‬وغِمْدٌ

كأنَّ‭ ‬شحوبَها،‭ ‬إلى‭ ‬شماليَ،‭ ‬نَصْلٌ،‭ ‬أدلَّةَ‭. ‬

 

لأنها‭ ‬شفيفةٌ،‭ ‬ونارُها‭ ‬عالية‭.‬

تستدركُ‭ ‬عوسَجَاً

من‭ ‬سياجِها‭ ‬الذي‭ ‬ضلَّلَتْهُ‭ ‬المواسم‭. ‬

لأن‭ ‬صباحاً‭ ‬نَفُكُّ‭ ‬أزرارَهُ‭ ‬معاً

ليس‭ ‬يصحو‭.‬

 

كيفَ،‭ ‬أعزلَيْنِ‭ ‬هكذا‭ ‬

سنواجهُ‭ ‬الوسنَ‭ ‬الغائبَ‭ ‬هذا‭ ‬كلَّهُ؟

كيف،‭ ‬دونَ‭ ‬حيلةٍ

سنفلِتُ‭ ‬ممَّا‭ ‬تقودُنا‭ ‬إليهِ‭ ‬شمسٌ‭ ‬ليسَ‭ ‬تأتي؟

ثُمَّ‭ ‬كيفَ‭ ‬من‭ ‬شرفةٍ‭ ‬لا‭ ‬تُطِلُّ

سأشدُّ‭ ‬أظافرَ‭ ‬الروعِ‭ ‬من‭ ‬حريرِ‭ ‬سَرْحَتِها‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في‭ ‬السديم،‭ ‬هنا‭ ‬

 

لا‭ ‬قريبةٌ

ولا‭ ‬البحرُ‭ ‬هادئٌ‭ ‬إليها‭.‬

والشجرُ‭ ‬الكابي

في‭ ‬السديمِ‭ ‬هُنا‭ ‬

والثمارُ‭ ‬الفجَّةُ‭ ‬الهاويةُ‭ ‬

والأشواكُ‭ ‬التي‭ ‬وحدَها‭ ‬تريَّثَتْ

كُلُّهُ‭ ‬نذيرُها‭. ‬

 

لكنْ،‭ ‬وقد‭ ‬عزمْتَ،‭ ‬إنتبِهْ‭.‬

السفينةُ‭ ‬هذِهِ

بأضوائِها‭ ‬وألوانِها

بزوارقِ‭ ‬النجاةِ‭ ‬التي‭ ‬تراها‭ ‬حولَها

بمجاذيفِها‭ ‬الكثيرةِ‭ ‬

ليست‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬الضلالةِ

عندما‭ ‬تستفيق‭.‬

‭ ‬خُذْ‭ ‬عَنِّي‭ ‬ما‭ ‬علَّمتني‭ ‬نَبْوَتي‭.‬

أَبْحِرْ‭ ‬من‭ ‬جهةِ‭ ‬المركبِ‭ ‬ذاتِهِ‭ ‬الذي‭ ‬تحطَّمَ‭ ‬

بين‭ ‬المناراتِ‭ ‬الشحيحةِ‭ ‬ذاتِها‭ ‬

على‭ ‬بقيَّةٍ‭ ‬مِنْهُ‭ ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬ميَّزْتَها

منذُ‭ ‬البدءِ،‭ ‬نجوةً‭ ‬

بلا‭ ‬وداعٍ‭ ‬أو‭ ‬رايةٍ‭ ‬

دون‭ ‬زهوِ‭ ‬المسافرِ،‭ ‬لكنْ‭ ‬بِعَزْمِهِ‭. ‬

 

وانتبِهْ‭ ‬أيضاً‭:‬

لا‭ ‬يحجبُ‭ ‬السديمُ‭ ‬وِجْهَةً‭ ‬عن‭ ‬البصيرةِ

أنتَ‭ ‬تعرفُ

والتِيهُ‭ ‬يبدأُ‭ ‬منك‭.‬

‭ ‬

لا‭ ‬تشاورْ

إذا‭ ‬عصفَتْ‭ ‬بِكَ‭ ‬الريحُ،‭ ‬نفْسَكَ

وتَشَبَّثْ‭ ‬إنْ‭ ‬علا‭ ‬الموجُ

باتجاهِكَ،‭ ‬بِكِلْتا‭ ‬يديكَ

يديكَ‭ ‬اللتينِ‭ ‬ستهويانِ‭ ‬إلى‭ ‬جانبيكَ‭ ‬

عندما‭ ‬لا‭ ‬تجدُ،‭ ‬ربَّما،‭ ‬أحداً‭ ‬هُناك‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للشاعر

 

أفعال‭ ‬مضارعة،‭ ‬1986‭ ‬

دار‭ ‬ابن‭ ‬رشد‭ ‬للطباعة‭ ‬والنشر،‭ ‬بيروت،‭ ‬لبنان‭.‬

 

غرف‭ ‬طائشة،‭ ‬1992

دار‭ ‬فكر‭ ‬للأبحاث‭ ‬والنشر،‭ ‬بيروت،‭ ‬لبنان‭.‬

 

سطوة‭ ‬المساء،‭ ‬1996

بيسان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع‭ ‬والإعلان،‭ ‬بيروت،‭ ‬لبنان‭.‬

 

جهات‭ ‬هذه‭ ‬المدينة،‭ ‬2015

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

بيوت‭ ‬النور‭ ‬الممكن،‭ ‬2017

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

أيام‭ ‬البحر‭ ‬والصحراء،‭ ‬2018

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

مقاطع‭ ‬ليل،‭ ‬2020

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

أشرعة‭ ‬بلون‭ ‬الفجر،‭ ‬2022

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سطوة‭ ‬المساء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتويات

 

الشراع،‭ ‬ثانيةً‭   ‬11

أوراق،‭ ‬جذور‭   ‬13

الليل‭ ‬ومضة‭   ‬15‭  

حطّابون‭   ‬17

على‭ ‬حذر‭   ‬21

غيمة،‭ ‬غيمتان‭   ‬23

في‭ ‬نفرةٍ،‭ ‬أليفاً‭   ‬25

شواطئ‭ ‬مستهامة‭   ‬27

إنتظر،‭ ‬بعد‭   ‬29

قليلاً،‭ ‬مدينةً‭   ‬31

أبواب‭ ‬المغيب‭   ‬33

الآن،‭ ‬أمامنا‭   ‬35

درز‭ ‬رهيف‭   ‬37

المجاذيف‭ ‬العناد‭   ‬39

ضوء‭ ‬بعيد‭   ‬41

الظلال،‭ ‬سرقةً‭   ‬43

سديدة،‭ ‬دون‭ ‬وجهة‭   ‬45

أعمال‭ ‬يديها‭   ‬47

نار‭ ‬عالية‭   ‬51

في‭ ‬السديم،‭ ‬هنا‭   ‬55

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سطوة‭ ‬المساء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الشراع،‭ ‬ثانيةً

 

ليسَ‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينامَ

قليلاً،‭ ‬ويصحو‭:‬

ينزعُ‭ ‬الهديرَ‭ ‬عن‭ ‬كتفيهِ‭ ‬

والجهاتِ‭ ‬عن‭ ‬صدرِهِ

ويخلِّصُ‭ ‬الهالاتِ‭ ‬من‭ ‬عرواتِ‭ ‬القميص‭.‬

 

أكانَ‭ ‬حقَّاً‭ ‬هباءً‭ ‬كُلُّ‭ ‬ما‭ ‬مَرَّ

رميةً‭ ‬قد‭ ‬ارتدَّتْ‭ ‬وانتهى‭ ‬الأمرُ

أولم‭ ‬يبق‭ ‬غيرُ‭ ‬قوسِ‭ ‬البدايةِ‭ ‬المشدودِ‭ ‬هذا؟

‭ ‬

الخزفُ‭ ‬الأزرقُ‭ ‬ما‭ ‬يزالُ‭ ‬مُهَدَّداً‭ ‬بِحُمْرَةٍ‭ ‬شفيفةٍ‭ ‬

والصَدْعُ‭ ‬في‭ ‬الجدارِ‭ ‬صاعدٌ‭ ‬في‭ ‬انشقاقِهِ‭ ‬

إلى‭ ‬السقفِ‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ينخفضُ

والغبارُ،‭ ‬طلعُ‭ ‬الغيابِ

ذاهلٌ‭ ‬على‭ ‬الأشياءِ‭ ‬كُلِّها‭.‬

الماضي‭ ‬جالسٌ‭ ‬على‭ ‬الأريكةِ

فارداً،‭ ‬في‭ ‬انتظارِهِ،‭ ‬على‭ ‬الكرسيَّ‭ ‬ساقيهِ‭ ‬

عند‭ ‬النباتاتِ‭ ‬العديمةِ‭ ‬

في‭ ‬الهواءِ‭ ‬الثقيلِ‭ ‬

تحتَ‭ ‬الإطاراتِ‭ ‬التي‭ ‬تشدُّ‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬غادروا‭. ‬

 

كيفَ‭ ‬مَرَّتْ‭ ‬الأرضُ‭ ‬سريعةً

شاطئاً‭ ‬فشاطئاً؟

 

من‭ ‬الشُبَّاكِ،‭ ‬خلفَ‭ ‬الموجِ

لاحَ‭ ‬الشراعُ‭ ‬ذاتُهُ

الأبيضُ‭ ‬الممزَّقُ‭ ‬الذي‭ ‬يقودُ‭ ‬الرياح‭. ‬

 

 

 

 

 

أوراق،‭ ‬جذور

 

سَيِّدُ‭ ‬ما‭ ‬تبقَّى

يفتحُ،‭ ‬بعدَ‭ ‬ليلةِ‭ ‬الأمسِ،‭ ‬الستارة‭.‬

العصافيرُ‭ ‬غادرَتْ‭ ‬

والشجيراتُ‭ ‬مرميَّةٌ

هُنا‭ ‬وهُناكَ‭ ‬في‭ ‬انكسارها‭.‬

ليست‭ ‬في‭ ‬الأعالي‭ ‬الثمارُ‭ ‬

والأوراقُ‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تستمدُّ‭ ‬زهوتَها‭. ‬

 

صباحٌ‭ ‬رَخْوٌ،‭ ‬علاوةً‭ ‬

لا‭ ‬يستطيعُ‭ ‬أن‭ ‬يكملَ‭ ‬الليلَ‭ ‬

ولا‭ ‬أن‭ ‬يشدَّ‭ ‬نهاراً‭ ‬وراءه‭.‬

 

كان‭ ‬يريدُ‭ ‬صباحاً‭ ‬قويّاً

ليشاورَ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬نفْسَهُ

أأبدأُ‭ ‬من‭ ‬جديد؟

كان‭ ‬يريدُ‭ ‬أن‭ ‬يسألَ‭ ‬جذعاً‭ ‬واحداً‭ ‬لو‭ ‬تريَّثَ‭:‬

من‭ ‬أينَ‭ ‬الخرابُ‭ ‬هذا‭ ‬كُلُّهُ؟

أكانَ‭ ‬الأمرُ‭ ‬في‭ ‬الرياحِ،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬الجذور؟

 

هَوَتْ‭ ‬عيناهُ‭ ‬

على‭ ‬الياسمينةِ‭ ‬التي‭ ‬تسلَّقَتْ‭ ‬حياتَهُ‭ ‬وكلامَهُ

لم‭ ‬يبق‭ ‬شيء‭.‬

السماءُ‭ ‬تَرْمَدُّ‭ ‬أكثرَ‭ ‬

وهو‭ ‬واقفٌ،‭ ‬سيِّداً‭ ‬لما‭ ‬تبقَّى‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

الليل‭ ‬ومضة‭ ‬

 

لم‭ ‬يكن،‭ ‬إلى‭ ‬أينَ،‭ ‬يعرفُ‭ ‬

هذا‭ ‬البابُ‭ ‬يفضي‭.‬

ولا‭ ‬لماذا‭ ‬النباتاتُ‭ ‬عندَهُ

صفراءُ‭ ‬محنيَّةٌ‭.‬

وأكثرَ‭ ‬ما‭ ‬تحيّرَ‭ ‬منهُ‭ ‬الوردُ‭ ‬

ظمآنُ‭ ‬ساكتٌ،‭ ‬غيرُ‭ ‬مكترثٍ،‭ ‬حميماً‭ ‬

وقابضٌ‭ ‬على‭ ‬ألوانِهِ‭.‬

 

الخيولُ‭ ‬على‭ ‬الجدارِ‭ ‬

تَعْبَى،‭ ‬رماديةٌ‭ ‬

وتوشكُ،‭ ‬عند‭ ‬الغيمِ،‭ ‬سوداء‭.‬

 

لأيِّ‭ ‬أجْلٍ‭ ‬هو‭ ‬الآنَ‭ ‬هُنا؟‭ ‬

أليست‭ ‬لهُ،‭ ‬دون‭ ‬هذا،‭ ‬صحبةٌ‭ ‬

سحرٌ‭ ‬وأخيلةٌ‭ ‬وركوةٌ؟

أليسَ‭ ‬إلى‭ ‬نفْسِهِ‭ ‬الذئبُ‭ ‬أَمْيَلُ؟

ألم‭ ‬يقل‭ ‬هو‭ ‬نفْسُهُ‭ ‬مرَّةً‭:‬

أفقٌ‭ ‬إبرةٌ

عوسجٌ‭ ‬حائكٌ،‭ ‬إذَن؟

 

في‭ ‬خطفةٍ،‭ ‬لم‭ ‬يدرِ‭ ‬كيف،‭ ‬خارجاً

عادَ‭ ‬وجهُهُ‭ ‬يشبهُهُ‭.‬

الهواءُ‭ ‬ساحرٌ‭ ‬والظلالُ‭ ‬آياتٌ‭ ‬

والأشجارُ‭ ‬مشغولةٌ‭ ‬حَسْبُ‭ ‬في‭ ‬ثمارِها

والليلُ‭ ‬ومضةٌ‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

حطّابون‭ ‬

 

أسوارُكَ،‭ ‬ثغراتُها‭ ‬

تلكَ‭ ‬التي‭ ‬عبرناها‭ ‬كثيراً

ضاحكَيْنِ،‭ ‬تحتَ‭ ‬آخِرِ‭ ‬الثمار‭. ‬

 

الشِراكُ‭ ‬في‭ ‬نبرِكَ

والكلامُ‭ ‬المراوغُ

عند‭ ‬النبع‭ ‬الذي‭ ‬يجفّ‭ ‬من‭ ‬طفولتنا‭.‬

 

إختلافاتُكَ‭ ‬في‭ ‬طقسٍ‭ ‬واحدٍ

واختلافُ‭ ‬العشيَّات‭ ‬عليك‭. ‬

 

الخيطُ‭ ‬الذي‭ ‬قَصَّرَ

خيطُ‭ ‬عودتِكَ‭ ‬إنْ‭ ‬أَرَدْتَ

كُلُّ‭ ‬هذا،‭ ‬كُلُّ‭ ‬هذا‭.‬

 

أنتَ‭ ‬الآنَ‭ ‬أَسْمَرُ‭ ‬

من‭ ‬كثرةِ‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تأتِ‭ ‬البراعم‭.‬

والملامساتُ‭ ‬الكثيرةُ

للثمارِ‭ ‬التي‭ ‬غادرَتْ‭ ‬أوانَها‭ ‬

تشبُّ‭ ‬من‭ ‬عينيكَ

من‭ ‬بساتينَ‭ ‬بعيدة‭. ‬

 

ساهرٌ‭ ‬أنتَ،‭ ‬ما‭ ‬تزالُ،‭ ‬عند‭ ‬أسواركَ

عند‭ ‬ثغراتِها‭.‬

وحين‭ ‬لا‭ ‬عناقيدَ‭ ‬أيضاً

في‭ ‬عامِنا‭ ‬هذا

"للدنِّ‭ ‬ذاكرةٌ"،‭ ‬تقولُ

وإن‭ ‬الشتاءُ،‭ ‬ثانيةً،‭ ‬جاءَ‭ ‬بارداً،‭ ‬باردا

"نحنُ‭ ‬حطَّابونَ"،‭ ‬تُكْمِل‭. ‬

 

العتمةُ‭ ‬الناصعةُ‭ ‬هذهِ‭ ‬

أنتَ‭ ‬في‭ ‬نصفها‭ ‬الثالثِ‭ ‬صلَّبْتَني‭ ‬

"عَزْمُكَ،‭ ‬عزمُكَ،‭ ‬قد‭ ‬وصلنا‭ ‬

لم‭ ‬تبق‭ ‬أمامَنا‭ ‬غيرُ‭ ‬المتاهةِ‭ ‬هذِهِ

بعدَها،‭ ‬حَسْبُ،‭ ‬صحراءُ"‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

على‭ ‬حذر

 

أَعْلى‭ ‬من‭ ‬سُدفةٍ

على‭ ‬الفجرِ،‭ ‬انتظارُكَ‭.‬

إجلسْ‭ ‬إذَنْ

على‭ ‬الأريكةِ‭ ‬ذاتِها

كما‭ ‬لو‭ ‬أنَّها‭ ‬المرةُ‭ ‬الأولى،‭ ‬شروداً

وما‭ ‬شئتَ‭ ‬أوسِعْ‭ ‬بسمةَ‭ ‬الزعمِ‭.‬

 

أأجيءُ‭ ‬بالماءِ‭ ‬إلى‭ ‬يديكَ

متعبتين‭ ‬من‭ ‬البداهةِ؟

أأجيءُ‭ ‬بألفةِ‭ ‬الصحراءِ‭ ‬أخيلةً

ريماً‭ ‬حليماً‭ ‬آسراً

أم‭ ‬أنّكَ‭ ‬سوف‭ ‬تحترفُ‭ ‬الفداحةَ‭ ‬ــ

غيمةٌ‭ ‬بيضاءُ،‭ ‬حقلُ؟

 

على‭ ‬النارِ‭ ‬الشكيَّةُ

السكتُ‭ ‬ثلجٌ‭ ‬ويشتدُ

تلعثمْ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬دريئةً،‭ ‬نبوةً

أستبقى‭ ‬تواصلُ‭ ‬الكأسَ‭ ‬ذاتَها

على‭ ‬حذرٍ

وتخبِّئُ‭ ‬الغصَّاتِ‭ ‬في‭ ‬الكِبْرِ؟

 

إلى‭ ‬أين‭ ‬في‭ ‬إثركَ‭ ‬المنأى‭ ‬

وماذا‭ ‬بعدُ‭ ‬تنتوي؟

أتريدُ‭ ‬منطقاً‭ ‬عالياً

إلى‭ ‬الجوزاءِ،‭ ‬جوزاءينِ،‭ ‬للصمتِ؟ِ

أتريدُ‭ ‬أن‭ ‬يصبحَ‭ ‬العوسجُ‭ ‬شوكةً‭ ‬حسْبُ؟

 

 

 

 

 

 

غيمة،‭ ‬غيمتان‭ ‬

 

المساربُ‭ ‬ليس‭ ‬تُفْضِي

هَهُنا،‭ ‬إلى‭ ‬نبأةٍ‭.‬

وفي‭ ‬اختلافِكَ‭ ‬صافناً

بين‭ ‬صمتٍ‭ ‬وصمتٍ

لائذاً،‭ ‬ضَمَّةً،‭ ‬بالكسرِ‭ ‬

لن‭ ‬تستسيغَ،‭ ‬بعدُ

أن‭ ‬تقولَ‭ ‬الشمسُ‭ ‬بعدَ‭ ‬غيمةٍ

أو‭ ‬غيمتين‭.‬

 

لا‭ ‬سرابَ‭ ‬لتستدلَّ

في‭ ‬المجازاتِ‭ ‬الضيِّقةِ

حولَ‭ ‬المنزلِ‭ ‬العديمِ‭  ‬هذا‭. ‬

والليلُ‭ ‬الذي‭ ‬دونما‭ ‬عشيَّةٍ

نهارُهُ‭ ‬دونَ‭ ‬فجرٍ‭ ‬دائماً‭.‬

 

تسمعُ‭ ‬الآنَ‭ ‬صَخَبَاً

أو‭ ‬كأنَّكَ‭ ‬

زُرْقَةً‭ ‬وأشرعةً‭ ‬وشيئاً‭ ‬مثلَ‭ ‬تلويحةٍ‭ ‬

وتسمعُ‭ ‬مطراً‭ ‬غائباً

على‭ ‬نوافذَ‭ ‬ليست‭ ‬هُنا‭. ‬

 

إفتحْ‭ ‬البابَ‭ ‬العديمَ‭ ‬هذا،‭ ‬إذَن‭.‬

واصغِ‭ ‬عميقاً‭ ‬إلى‭ ‬وقعكَ

دونَ‭ ‬خطوٍ

تحتَ‭ ‬غفوةِ‭ ‬الشمسِ

بينما‭ ‬يتماسكُ‭ ‬الثَمَرُ‭.‬

 

 

 

 

 

 

في‭ ‬نفرةٍ،‭ ‬أليفاً

 

وَشْكَاً‭ ‬لوخزةٍ‭ ‬

تشدُّ‭ ‬ظلَّكَ‭ ‬خلفكَ

حينما‭ ‬الندى‭.‬

وإذ‭ ‬ترتدُّ،‭ ‬راكداً

دونَ‭ ‬رعدةِ‭ ‬الفجرِ‭ ‬الذي‭ ‬تشتهي‭ ‬

تُغْضِي‭ ‬على‭ ‬غيمةٍ،‭ ‬وتحنو‭.‬

 

ترفٌ‭ ‬عطشُ‭ ‬الكلامِ

على‭ ‬يديكَ،‭ ‬إلى‭ ‬البداهةِ‭.‬

أنتَ‭ ‬قد‭ ‬عاليتَ‭ ‬عتماً،‭ ‬سُدْفَةً‭ ‬سُدْفَةً‭ ‬

وعرفتَ‭ ‬من‭ ‬خَفَضٍ

أنَّ‭ ‬بينَ‭ ‬الظِلِّ‭ ‬وارتعاشتِهِ

مسافةً‭ ‬منأى

ولاوذتَ‭ ‬أفقاً‭ ‬ضاقَ‭ ‬كُلَّما‭ ‬اقترب‭. ‬

 

كيفَ‭ ‬استطعتَ‭ ‬أنْ،‭ ‬في‭ ‬سرحةٍ

تستعيدَ‭ ‬من‭ ‬الرتاجِ‭ ‬البعيدِ‭ ‬انتظاراتكَ‭ ‬كُلَّها

وتنتظرُ؟

كيفَ،‭ ‬وأنتَ‭ ‬في‭ ‬ارتيابِكَ،‭ ‬لم‭ ‬تلتبس‭ ‬

بين‭ ‬محابسِ‭ ‬الوردِ

والياسمينِ‭ ‬الذي‭ ‬يتسلَّقُ‭ ‬الأسوار؟

ثُمَّ‭ ‬كيفَ‭ ‬لبثتَ‭ ‬في‭ ‬نفرةٍ‭ ‬أليفاً‭ ‬وتُؤتَلَفُ؟‭ ‬

 

سَرَفٌ‭ ‬منكَ‭ ‬هذا‭ ‬السُّدى‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

شواطئ‭ ‬مستهامة‭ ‬

 

هل‭ ‬تأسَّيْتَ

تارةً‭ ‬إذ‭ ‬تنوَّرْتَ‭ ‬من‭ ‬ثمالةٍ‭ ‬دَفَّةً

ومن‭ ‬قبلِ‭ ‬تاراتٍ‭ ‬

وقد‭ ‬أُرْعِشَتْ‭ ‬من‭ ‬وجْدَةٍ‭ ‬منكَ‭ ‬اليدُ؟

 

كم‭ ‬تَلَبَّثْتَ‭ ‬واصلاً‭ ‬عُمْراً‭ ‬بعمرٍ‭ ‬ــ

الفجرُ‭ ‬خيطٌ‭ ‬ذاهلٌ‭ ‬

العشيَّةُ‭ ‬إبرةٌ

وكُلَّما‭ ‬مَزْقٌ‭ ‬تعودُ‭ ‬وتبدأُ‭. ‬

 

أأدركْتَ‭ ‬بعدَ‭ ‬عمرينِ

ما‭ ‬تركْتَ‭ ‬دونَ‭ ‬تَلَفُّتٍ‭.‬

أصاغتْكَ‭ ‬العشيَّاتُ‭ ‬

من‭ ‬غيرِ‭ ‬رجعةٍ

ملتبساً،‭ ‬مثلَها،‭ ‬سدفةً‭.‬

البحرُ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مترينِ‭ ‬بعد‭ ‬البابِ

لم‭ ‬يعد‭ ‬حيلةَ‭ ‬النافذة‭. ‬

خرجْتَ،‭ ‬لكنَّكَ،‭ ‬قبلَ‭ ‬الشمسِ‭ ‬

بعد‭ ‬كرومٍ‭ ‬كثيرةٍ‭ ‬

وهتفْتَ‭: ‬موجةٌ‭.‬

 

تَلَبّثَتْ‭ ‬بعينيكَ‭ ‬بعدَها‭ ‬

شواطئُ‭ ‬مستهامةٌ‭ ‬

وفي‭ ‬يديكَ‭ ‬تألَّقَتْ‭ ‬هزَّةُ‭ ‬الأشرعة‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

إنتظر،‭ ‬بعد

 

ستراهُ‭ ‬إنْ‭ ‬جلسْتَ‭ ‬هُنا‭ ‬

واضحاً،‭ ‬عندما‭ ‬يجيء‭.‬

خطوةٌ‭ ‬وَتَرٌ

شحوبُ‭ ‬شوكةٍ‭.‬

 

سوف‭ ‬ينطوي‭ ‬في‭ ‬الظلِّ

خلفَ‭ ‬طاولةٍ‭ ‬أمامَكَ‭:‬

قهوةٌ،‭ ‬كوبُ‭ ‬ماءٍ‭ ‬

سوف‭ ‬ينتظرانِهِ

ذاهبَيْنِ‭ ‬كُلٌّ‭ ‬في‭ ‬وِجْهَةٍ‭.‬

 

لا‭ ‬تظنُّ‭ ‬أنَّهَ‭ ‬استحالَ‭ ‬حجراً‭ ‬دون‭ ‬رفّةٍ‭. ‬

وإنْ‭ ‬غابَ‭ ‬وجهُهُ‭ ‬في‭ ‬ركنِهِ

فاعلم‭ ‬أنّهَا‭ ‬العشيَّةُ

أدركَتْهُ،‭ ‬فأعتمته‭.‬

بعد‭ ‬نصفِ،‭ ‬أو‭ ‬ساعةٍ،‭ ‬ربَّما

سيأخذُ‭ ‬رشفةً‭.‬

شارباً،‭ ‬قبلُ،‭ ‬من‭ ‬ماءٍ‭ ‬فاترٍ‭. ‬

ثُمَّ‭ ‬لن‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬حياتِكَ‭ ‬مِدْيَةً‭ ‬

آنها،‭ ‬مثلَ‭ ‬بسمتِهِ‭. ‬

 

وانتظِرْ،‭ ‬بعدُ‭.‬

سوف‭ ‬يأتونَ‭ ‬

وسيبدؤونَ،‭ ‬صاخبينَ

تحتَ‭ ‬الضوءِ‭ ‬سهرتَهم‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

قليلاً،‭ ‬مدينةً‭ ‬

 

هُنا،‭ ‬سيهدؤونَ،‭ ‬قليلاً،‭ ‬مدينةً‭.‬

تعبوا،‭ ‬تعبَتْ‭ ‬قطعانُهم

والقمحُ‭ ‬في‭ ‬أكياسِهم‭ ‬يرعشُ‭. ‬

 

سيجرحونَ‭ ‬الزمانَ،‭ ‬هُنا

منازلَ‭ ‬مثلَ‭ ‬خيالِهم

عشواءَ‭ ‬جانحةً‭ ‬

تطيشُ،‭ ‬غُرْفَةً‭ ‬غُرْفَةً

من‭ ‬قوسِ‭ ‬أعمارِهم‭ ‬في‭ ‬الأزل‭. ‬

 

سيبرؤونَ‭ ‬الطينَ‭ ‬آنيةً

أقداماً‭ ‬فوق‭ ‬سطحِ‭ ‬البحرِ

ذاهلاً‭ ‬هشَّاً،‭ ‬وأكثرَ‭ ‬حِكْمَةً‭.‬

 

فجأةً،‭ ‬على‭ ‬مَهَلٍ‭ ‬

يرفعونَ‭ ‬رؤوسَهم‭ ‬الى‭ ‬الأعالي‭ ‬

ويُطْرِقونَ،‭ ‬ساكتين‭.‬

إنّهم‭ ‬يسمعونَ‭ ‬طراوةَ‭ ‬النحاسِ‭ ‬

بين‭ ‬النهرينِ،‭ ‬في‭ ‬التَشَكُّل‭.‬

إنَّهم‭ ‬يسمعونَهُ‭ ‬يَرِنُّ

صيحةً،‭ ‬صيحةً،‭ ‬في‭ ‬الأبد‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبواب‭ ‬المغيب‭ ‬

 

المعتمونَ‭ ‬في‭ ‬هالةٍ،‭ ‬مُرِّي‭ ‬بنا‭.‬

أَرْجِعي‭ ‬إلى‭ ‬عيونِنا‭ ‬سرحةَ‭ ‬الأفقِ

ربَّما‭ ‬يستدلُّ‭ ‬إلى‭ ‬خطوِنا‭ ‬وَقْعُهُ‭.‬

عَلِّمي‭ ‬دروبَنا‭ ‬زهوةَ‭ ‬الصبحِ‭ ‬ثانيةً‭ ‬

علَّنا،‭ ‬أمامَ‭ ‬عتباتِنا

نستردُّ‭ ‬هيئتَنا‭. ‬

 

نحن‭ ‬أضعنا‭ ‬أبوابَنا‭ ‬

فارتبكَتْ‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬مفاتيحُنا‭ ‬

وظلالُنا‭ ‬صَغُرَتْ

والشمسُ‭ ‬الى‭ ‬المغيب‭. ‬

 

نَعْثِرُ‭ ‬مَرَّةً،‭ ‬وَمرَّةً‭ ‬لا‭ ‬نهتدي‭ ‬

ولا‭ ‬نعرف،‭ ‬ثالثةً

أين‭ ‬نخبِّئُ‭ ‬ما‭ ‬استعصى‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬وَمْضِنا‭.‬

القادمونَ‭ ‬من‭ ‬عسلٍ‭ ‬قويٍّ

نأخذُ‭ ‬الآنَ‭ ‬شكلَ‭ ‬زهرةٍ‭ ‬لا‭ ‬تشبهُ‭ ‬نسغَها.

مُرِّي‭ ‬ولو‭ ‬لمرَّةٍ‭ ‬أخيرةٍ‭ ‬بِنا‭ ‬

أنتِ‭ ‬نحلتُنا‭ ‬الخبيرةُ‭ ‬في‭ ‬التباساتِ‭ ‬الرحيق‭.‬

أنتِ‭ ‬عصفٌ‭ ‬يرتِّبُ‭ ‬أوراقَنا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الآن،‭ ‬أمامنا

 

هو‭ ‬ليس‭ ‬الصباحُ‭ ‬الذي‭ ‬سهرنا‭ ‬

وتطاولَتْ‭ ‬أشجارُنا‭ ‬من‭ ‬أجلِهِ‭ ‬

لكنَّه‭ ‬واضحُ‭ ‬المساءِ‭ ‬كفايةً‭. ‬

 

أنقولُ‭ ‬السنابلُ‭ ‬استيقظَتْ‭ ‬على‭ ‬مجيئِهِ

واستيقظَ‭ ‬الأفقُ؟

ونذهبُ‭ ‬واثقِينَ،‭ ‬ربّما

على‭ ‬دروبٍ‭ ‬رخوةٍ‭ ‬

إلى‭ ‬مواسمَ‭ ‬ندَّعيها؟

 

أنزعمُ‭ ‬أنَّها‭ ‬تشرقُ‭ ‬الآنَ‭ ‬علينا‭ ‬

بينما‭ ‬نمضي

بلا‭ ‬ظلالٍ

في‭ ‬عتمةٍ‭ ‬طويلة؟

 

هو‭ ‬ليس‭ ‬صباحاً‭ ‬عفيّاً‭. ‬

لكنَّهُ‭ ‬ينذرُ

بالعشيَّةِ‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬انتظارنا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

درز‭ ‬رهيف‭ ‬

 

قد‭ ‬تكونُ‭ ‬تنتوي‭ ‬أنْ‭ ‬تُصَلِّي‭.‬

ولعلّها،‭ ‬بعد‭ ‬سلامينِ

تاركةً‭ ‬للفراغِ‭ ‬نفْسَها‭.‬

يدُها‭ ‬على‭ ‬شالِها‭ ‬

تستتبعُ‭ ‬الدرْزَ‭ ‬الرهيفَ‭ ‬

واقفةً‭ ‬عند‭ ‬انقطاعِ‭ ‬الخيط‭. ‬

 

أتكونُ‭ ‬تستدرجُ‭ ‬اليمامَ‭ ‬إلى‭ ‬صباحِها

نَفُوراً‭ ‬من‭ ‬البابِ،‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬التحيّاتِ‭ ‬

من‭ ‬العتباتِ،‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬الخُطى‭ ‬

تستعجلُ‭ ‬ما‭ ‬اصفرَّ‭ ‬من‭ ‬أوراقِ‭ ‬الدالية؟

 

هي‭ ‬الآنَ،‭ ‬كيفما،‭ ‬في‭ ‬الكثافةِ‭ ‬الغريبةِ‭ ‬

كثافةِ‭ ‬ألّا‭ ‬يكونَ‭ ‬أحد‭.‬

تسمعُ‭ ‬كيفَ‭ ‬كنتَ‭ ‬تَشُقُّ‭ ‬الهواءَ

جذوةً‭ ‬نحوَها‭ ‬

وكيفَ‭ ‬كانَ‭ ‬الهواءُ‭ ‬يستديرُ‭ ‬

ليملأَ‭ ‬الفراغَ‭ ‬ثانيةً؛‭ ‬الفراغُ‭ ‬دائماً‭. ‬

 

أذاهبٌ‭ ‬أنتَ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشتاءِ‭ ‬المُرِّ

منطفئاً،‭ ‬إليها؟‭ ‬

كيف‭ ‬تهتدي‭ ‬إليكَ،‭ ‬دونَ‭ ‬نارِكَ؟‭ ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المجاذيف‭ ‬العِناد

 

من‭ ‬شهقةٍ‭ ‬في‭ ‬زنقةِ‭ ‬الشمسِ‭ ‬

من‭ ‬سندسٍ،‭ ‬في‭ ‬ارتيابِ‭ ‬الفجرِ‭ ‬يحجبُها‭ ‬

المستريبةُ‭ ‬السافرة‭. ‬

 

شراعٌ‭ ‬بعيدٌ‭ ‬أطْلَساً‭ ‬إلى‭ ‬البحرِ‭ ‬

زرقةٌ،‭ ‬لا‭ ‬مراكبً

زرقةٌ،‭ ‬المجاذيفُ‭ ‬العِناد‭.‬

رقَّةٌ،‭ ‬رِقَّةٌ

موجةٌ‭ ‬في‭ ‬السرِّ‭ ‬تعلو‭ ‬وتنكسرُ‭.‬

 

لكنَّهُ‭ ‬الكوفيُّ

قاسٍ‭ ‬هُنا‭ ‬من‭ ‬غربةٍ‭ ‬ومؤتلفٌ

عَصيٌّ‭ ‬ويهجس‭.‬

 

من‭ ‬سيرابطُ‭ ‬الآنَ‭ ‬بينَ‭ ‬السرو‭ ‬والندى

من‭ ‬سيوحِّدُ‭ ‬سيفاً‭ ‬ورحمةً‭.‬

من‭ ‬يعلِّمُ‭ ‬القرويينَ،‭ ‬ثانيةً

درساً‭ ‬في‭ ‬رهافةِ‭ ‬الفيروز‭.‬

مُرِّي،‭ ‬إذَنْ،‭ ‬ملحونَةً‭ ‬طَروباً

رياحَ‭ ‬الشمالِ،‭ ‬مُرِّي‭. ‬

 

من‭ ‬نسيجٍ‭ ‬ذاهلٍ‭ ‬وحبكةٍ‭.‬

كان‭ ‬عارياً‭ ‬حينها‭ ‬الأقحوانُ‭ ‬وفاجراً

والماءُ‭ ‬طائشاً‭ ‬من‭ ‬الأعالي‭ ‬

وكان‭ ‬في‭ ‬البُعدِ‭ ‬صفصافٌ‭ ‬خجول‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

ضوء‭ ‬بعيد

 

بقسوةٍ‭ ‬بارداً‭ ‬

يشدُّ‭ ‬الخريفُ‭ ‬إليهِ‭ ‬أشجارَنا‭ ‬العارية‭.‬

لو‭ ‬تحرِّرينَ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬العصافيرَ

من‭ ‬أطرافِ‭ ‬أصابعكِ

وتُفْرِجينَ،‭ ‬بسمةً‭ ‬صغيرةً،‭ ‬بسمةً

عن‭ ‬هذِهِ‭ ‬الصيحةِ‭ ‬الحبيسةِ‭ ‬التي‭ ‬أراها‭. ‬

 

غَنِّي،‭ ‬أيمكنُ‭ ‬أن‭ ‬نُغَنِّي‭ ‬

كما‭ ‬لو‭ ‬أنَّنا،‭ ‬خفيفَينِ،‭ ‬يداً‭ ‬في‭ ‬يدٍ

نحتمي‭ ‬بالظلالِ‭ ‬تحت‭ ‬شمسٍ‭ ‬قويَّةٍ؟

أتظلِّينَ‭ ‬هكذا،‭ ‬تعزِّزينَ‭ ‬النارَ

جميلةً‭ ‬أكثرَ‭ ‬ممَّا‭ ‬ينبغي‭ ‬وساكتة؟

 

العتمُ‭ ‬يشتدُّ

والضوءُ‭ ‬البعيدُ،‭ ‬سلوتُنا‭ ‬الوحيدةُ‭ ‬

ذاك‭ ‬الذي،‭ ‬منذُ‭ ‬البدءِ‭ ‬

شيئاً،‭ ‬كان‭ ‬يكبو،‭ ‬فشيئاً‭ ‬

يكادُ‭ ‬الآنَ‭ ‬ينطفئ‭.‬

 

تعالي‭ ‬إليَّ،‭ ‬أكثرَ،‭ ‬أكثرَ

أريدُ‭ ‬ألَّا‭ ‬أعرفَ‭ ‬من‭ ‬يدي‭ ‬يدَكِ‭. ‬

وحاذري‭ ‬أن‭ ‬ننامَ

سيطبقُ‭ ‬الثلجُ‭ ‬علينا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الظلال،‭ ‬سرقةً‭ ‬

 

النارُ‭ ‬هذِهِ‭ ‬ترانا‭. ‬

زَنْدُها‭ ‬يستدرجُ‭ ‬الحريرَ‭ ‬مبتعداً،‭ ‬قربَها

ساخناً‭ ‬في‭ ‬الظلالِ،‭ ‬في‭ ‬الكلام‭. ‬

 

الحريرُ‭ ‬قيدُهُ‭ ‬على‭ ‬الشَغَفِ‭ ‬

خفيفاً‭ ‬من‭ ‬الجرحِ‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬جرحٌ‭ ‬لأنَّهُ‭ ‬دائمٌ

غزالٌ‭ ‬ولوعةٌ،‭ ‬وليس‭ ‬يلتئمُ‭. ‬

 

الكلامُ‭ ‬شَرَكٌ‭ ‬أهدابُهُ‭ ‬على‭ ‬اللَّهبِ‭ ‬

وَشْكَاً‭ ‬ثُمَّ‭ ‬يرتدُّ‭.‬

سرقةً‭ ‬يسحبُ‭ ‬الظلال‭ ‬إلى‭ ‬انخطافِها‭.‬

غمدٌ‭ ‬لنصلينِ‭ ‬مُشْهَرينِ‭ ‬

ماءُ‭ ‬زهرٍ،‭ ‬صيحةٌ‭.‬

 

الصيحةُ‭ ‬سلَّةُ‭ ‬الجمرِ‭. ‬

شُبْهَةً‭ ‬يأخذُ‭ ‬ماءُ‭ ‬الزهرِ‭ ‬نبرتَها‭ ‬

خفيضاً‭ ‬ويجرحُ‭ ‬الليلَ‭ ‬

قريباً‭ ‬من‭ ‬النارِ‭ ‬التي‭ ‬ترانا‭ ‬

من‭ ‬زَنْدِها‭ ‬العاري‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سديدة،‭ ‬دون‭ ‬وجهة‭ ‬

 

مشدودةٌ‭ ‬على‭ ‬نَعَسٍ‭. ‬

كأنَّها‭ ‬فرَّتْ‭ ‬من‭ ‬النارنجِ،‭ ‬دونَ‭ ‬صيحةٍ‭ ‬

وكانوا‭ ‬يصنعونَ‭ ‬العطرَ‭ ‬ــ

قوسٌ‭ ‬عنيدٌ‭ ‬كأنَّها،‭ ‬بلا‭ ‬دريئةٍ،‭ ‬ضوعةً‭.‬

 

تمضي‭ ‬مع‭ ‬العيدِ،‭ ‬مستريبةً‭ ‬من‭ ‬الهدايا‭.‬

لائذةٌ‭ ‬بالهواءِ‭ ‬نارُها

خائفةٌ‭ ‬وتعلو

دونَ‭ ‬شَفَقٍ،‭ ‬هونَةً،‭ ‬إلى‭ ‬الومضِ‭.‬

 

نصلٌ‭ ‬نبرُها،‭ ‬آنها

عارفٌ‭ ‬بالكلامِ‭ ‬والوقعِ‭ ‬

راعشٌ‭ ‬في‭ ‬الصليلِ

قبلَ‭ ‬الجُرحِ،‭ ‬غالبٌ‭. ‬

 

أَلَقٌ،‭ ‬دمعةٌ‭ ‬،‭ ‬برعمٌ‭ ‬ينشَقُّ

نَوْرٌ‭ ‬في‭ ‬وَشْكِهِ‭ ‬ويلتبسُ‭ ‬ــ

ماءُ‭ ‬نارٍ،‭ ‬رحمةٌ‭.‬

 

الصيحةُ‭ ‬الآن‭.‬

‭ ‬الصيحةُ‭ ‬من‭ ‬أغوارٍ‭ ‬عميقةٍ‭ ‬

سديدةٌ‭ ‬دونَ‭ ‬وِجْهَةٍ‭.‬

موجٌ‭ ‬ويعلو،‭ ‬وأشرعةٌ‭ ‬وخطفٌ

والمحارةُ‭ ‬محروسةٌ،‭ ‬بعدُ

والدرُّ‭ ‬جذوةٌ‭.‬

 

رَمْيَتُها،‭ ‬رَمْيَتُها

طائشةً

وليس‭ ‬تخطئُ‭ ‬قوسُها‭.‬

 

 

 

أعمال‭ ‬يديها

 

من‭ ‬الثُّرَيَّا‭ ‬نازلٌ‭ ‬قميصٌ‭.‬

والتبغُ‭ ‬مطفأٌ

هنا‭ ‬وهناكَ،‭ ‬في‭ ‬سرعةٍ‭ ‬

وعلى‭ ‬البساطِ‭ ‬بُكْلَةٌ،‭ ‬وزوبعة‭.‬

‭ ‬

إناءُ‭ ‬الزهرِ‭ ‬مكسورٌ‭ ‬عندَ‭ ‬زاويةِ‭ ‬الجدار‭.‬

والمتاهةُ‭ ‬من‭ ‬غرفةِ‭ ‬النومِ‭ ‬إلى‭ ‬الجلوسِ‭ ‬مَلْأى‭ ‬

بكُلِّ‭ ‬ما‭ ‬يمكنُ‭ ‬أن‭ ‬يُهَشَّمَ‭ ‬في‭ ‬رميةٍ‭. ‬

 

أُلَملِمُ‭ ‬هادئاً‭ ‬مثلَ‭ ‬جمرةٍ

في‭ ‬غيابِها،‭ ‬أجزاءَها‭. ‬

أستدركُ‭ ‬الزهرَ،‭ ‬ثانيةً،‭ ‬قبلَ‭ ‬أن‭ ‬يذوي‭ ‬ــ

‭ ‬الطيورُ‭ ‬على‭ ‬الوسائدِ

تَرْعِشُ‭ ‬في‭ ‬ارتسامِها

والثعلبُ‭ ‬القماشُ‭ ‬كَفَّ‭ ‬يبتسم‭. ‬

لو‭ ‬أنَّها‭ ‬لا‭ ‬تعود‭.‬

لو‭ ‬أنَّ‭ ‬جحيماً‭ ‬تأخذُها‭ ‬

لو‭ ‬أستطيعُ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ

أنْ‭ ‬أُهَدِّئَ‭ ‬ذئبَ‭ ‬ذاكرتِها‭ ‬المجروحَ‭ ‬هذا‭. ‬

 

لا‭ ‬حدَّ‭ ‬لأعمالِ‭ ‬يديها‭. ‬

حكيمةٌ‭ ‬على‭ ‬الشوكةِ

والأوراقُ‭ ‬تذبلُ

فائرةٌ‭ ‬وصامتةٌ‭ ‬إلّا‭ ‬عندما‭ ... ‬

 

هو‭ ‬ذا‭ ‬خطُوها،‭ ‬يعلو‭ ‬وتقتربُ‭ ‬

وإنّني‭ ‬من‭ ‬خطوِها‭ ‬أمسيتُ‭ ‬أعرفُها

سريعٌ،‭ ‬وقحٌ،‭ ‬نافرٌ

تكادُ‭ ‬توشكُ،‭ ‬من‭ ‬فجورِها،‭ ‬أنْ‭ ‬قبلَهُ‭ ‬تصل‭.‬

 

ما‭ ‬الذي‭ ‬أفعلُ‭ ‬الآن؟

أأجعلُها‭ ‬ترشقُ‭ ‬الجدارَ‭ ‬بالزهرِ‭ ‬ثانيةً

وتسفقُ‭ ‬البابَ‭ ‬خلفَها

تاركةً،‭ ‬كعادتِها

كلاماً‭ ‬فادحاً‭ ‬مثلَها‭ ‬يرنُّ؟

أأسحبِ‭ ‬أيَّامي‭ ‬من‭ ‬أيَّامِها

فينهارُ‭ ‬عمرُنا‭ ‬معاً؟

 

هي‭ ‬ذي‭ ‬يداورُ‭ ‬البابَ‭ ‬مفتاحُها

تطيِّرُ‭ ‬في‭ ‬الهواءِ‭ ‬معطفَها‭ ‬وشالَها

وتقصُّ‭ ‬في‭ ‬مرحٍ‭ ‬على‭ ‬ركبتي‭ ‬

كيف‭ ‬مرَّ‭ ‬نهارُها‭ ‬بها‭.‬

وهأنذا‭ ‬أنسى‭ ‬كُلَّ‭ ‬شيءٍ‭ ‬لها

إلّا‭ ‬قداسَتها‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

‭ ‬

 

 

 

نار‭ ‬عالية‭ ‬

 

رَوْعٌ‭ ‬وَخْزَةٌ‭ ‬

يَفِزُّ‭ ‬من‭ ‬كُلِّها،‭ ‬من‭ ‬أيّما،‭ ‬وتشحب‭.‬

تطمئنُّ‭  ‬غَلْوَةً

بعدَها،‭ ‬وتستريبُ‭. ‬

 

مساؤها‭ ‬سطوةٌ‭. ‬

يَفِرُّ‭ ‬من‭ ‬يدِها‭ ‬الكلامُ‭ ‬في‭ ‬نَزَقٍ

طائعاً،‭ ‬فتحتدُّ‭:‬

عصفٌ‭ ‬وأغصانٌ‭ ‬

زهرُ‭ ‬لوزٍ،‭ ‬وتغفو‭.‬

 

تغفو‭ ‬لَبْثَةً

إلى‭ ‬سَلَسٍ،‭ ‬وتنتبِهُ‭:‬

خطواتٌ‭ ‬على‭ ‬الدرجاتِ

خطواتٌ‭ ‬عند‭ ‬البابِ‭ ‬تُبطئُ،‭ ‬ُ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬تَرْقى‭.‬

إنَّهُ،‭ ‬حَسْبُ،‭ ‬طبْعُها‭.‬

أو‭ ‬ربَّما‭ ‬وقعٌ

غادَرَ‭ ‬الأقدامَ‭ ‬التي‭ ‬رحلَتْ

لائذاً‭ ‬بمنازلِ‭ ‬الوَهَجِ‭ ‬الذي‭ ‬أَفَلَ‭. ‬

 

لا‭ ‬يعرفُ‭ ‬اللوزُ‭ ‬المرارةَ‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬انغلاقِها

والكَسْرُ‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬نَبْرِها‭ ‬رَبْكَةٌ‭.‬

كأنَّها،‭ ‬وهي‭ ‬حَدِّي،‭ ‬جريمةٌ‭ ‬وغِمْدٌ

كأنَّ‭ ‬شحوبَها،‭ ‬إلى‭ ‬شماليَ،‭ ‬نَصْلٌ،‭ ‬أدلَّةَ‭. ‬

 

لأنها‭ ‬شفيفةٌ،‭ ‬ونارُها‭ ‬عالية‭.‬

تستدركُ‭ ‬عوسَجَاً

من‭ ‬سياجِها‭ ‬الذي‭ ‬ضلَّلَتْهُ‭ ‬المواسم‭. ‬

لأن‭ ‬صباحاً‭ ‬نَفُكُّ‭ ‬أزرارَهُ‭ ‬معاً

ليس‭ ‬يصحو‭.‬

 

كيفَ،‭ ‬أعزلَيْنِ‭ ‬هكذا‭ ‬

سنواجهُ‭ ‬الوسنَ‭ ‬الغائبَ‭ ‬هذا‭ ‬كلَّهُ؟

كيف،‭ ‬دونَ‭ ‬حيلةٍ

سنفلِتُ‭ ‬ممَّا‭ ‬تقودُنا‭ ‬إليهِ‭ ‬شمسٌ‭ ‬ليسَ‭ ‬تأتي؟

ثُمَّ‭ ‬كيفَ‭ ‬من‭ ‬شرفةٍ‭ ‬لا‭ ‬تُطِلُّ

سأشدُّ‭ ‬أظافرَ‭ ‬الروعِ‭ ‬من‭ ‬حريرِ‭ ‬سَرْحَتِها‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في‭ ‬السديم،‭ ‬هنا‭ ‬

 

لا‭ ‬قريبةٌ

ولا‭ ‬البحرُ‭ ‬هادئٌ‭ ‬إليها‭.‬

والشجرُ‭ ‬الكابي

في‭ ‬السديمِ‭ ‬هُنا‭ ‬

والثمارُ‭ ‬الفجَّةُ‭ ‬الهاويةُ‭ ‬

والأشواكُ‭ ‬التي‭ ‬وحدَها‭ ‬تريَّثَتْ

كُلُّهُ‭ ‬نذيرُها‭. ‬

 

لكنْ،‭ ‬وقد‭ ‬عزمْتَ،‭ ‬إنتبِهْ‭.‬

السفينةُ‭ ‬هذِهِ

بأضوائِها‭ ‬وألوانِها

بزوارقِ‭ ‬النجاةِ‭ ‬التي‭ ‬تراها‭ ‬حولَها

بمجاذيفِها‭ ‬الكثيرةِ‭ ‬

ليست‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬الضلالةِ

عندما‭ ‬تستفيق‭.‬

‭ ‬خُذْ‭ ‬عَنِّي‭ ‬ما‭ ‬علَّمتني‭ ‬نَبْوَتي‭.‬

أَبْحِرْ‭ ‬من‭ ‬جهةِ‭ ‬المركبِ‭ ‬ذاتِهِ‭ ‬الذي‭ ‬تحطَّمَ‭ ‬

بين‭ ‬المناراتِ‭ ‬الشحيحةِ‭ ‬ذاتِها‭ ‬

على‭ ‬بقيَّةٍ‭ ‬مِنْهُ‭ ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬ميَّزْتَها

منذُ‭ ‬البدءِ،‭ ‬نجوةً‭ ‬

بلا‭ ‬وداعٍ‭ ‬أو‭ ‬رايةٍ‭ ‬

دون‭ ‬زهوِ‭ ‬المسافرِ،‭ ‬لكنْ‭ ‬بِعَزْمِهِ‭. ‬

 

وانتبِهْ‭ ‬أيضاً‭:‬

لا‭ ‬يحجبُ‭ ‬السديمُ‭ ‬وِجْهَةً‭ ‬عن‭ ‬البصيرةِ

أنتَ‭ ‬تعرفُ

والتِيهُ‭ ‬يبدأُ‭ ‬منك‭.‬

‭ ‬

لا‭ ‬تشاورْ

إذا‭ ‬عصفَتْ‭ ‬بِكَ‭ ‬الريحُ،‭ ‬نفْسَكَ

وتَشَبَّثْ‭ ‬إنْ‭ ‬علا‭ ‬الموجُ

باتجاهِكَ،‭ ‬بِكِلْتا‭ ‬يديكَ

يديكَ‭ ‬اللتينِ‭ ‬ستهويانِ‭ ‬إلى‭ ‬جانبيكَ‭ ‬

عندما‭ ‬لا‭ ‬تجدُ،‭ ‬ربَّما،‭ ‬أحداً‭ ‬هُناك‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

للشاعر

 

أفعال‭ ‬مضارعة،‭ ‬1986‭ ‬

دار‭ ‬ابن‭ ‬رشد‭ ‬للطباعة‭ ‬والنشر،‭ ‬بيروت،‭ ‬لبنان‭.‬

 

غرف‭ ‬طائشة،‭ ‬1992

دار‭ ‬فكر‭ ‬للأبحاث‭ ‬والنشر،‭ ‬بيروت،‭ ‬لبنان‭.‬

 

سطوة‭ ‬المساء،‭ ‬1996

بيسان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع‭ ‬والإعلان،‭ ‬بيروت،‭ ‬لبنان‭.‬

 

جهات‭ ‬هذه‭ ‬المدينة،‭ ‬2015

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

بيوت‭ ‬النور‭ ‬الممكن،‭ ‬2017

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

أيام‭ ‬البحر‭ ‬والصحراء،‭ ‬2018

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

مقاطع‭ ‬ليل،‭ ‬2020

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

أشرعة‭ ‬بلون‭ ‬الفجر،‭ ‬2022

بيان‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬أكسفورد،‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سطوة‭ ‬المساء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتويات

 

الشراع،‭ ‬ثانيةً‭   ‬11

أوراق،‭ ‬جذور‭   ‬13

الليل‭ ‬ومضة‭   ‬15‭  

حطّابون‭   ‬17

على‭ ‬حذر‭   ‬21

غيمة،‭ ‬غيمتان‭   ‬23

في‭ ‬نفرةٍ،‭ ‬أليفاً‭   ‬25

شواطئ‭ ‬مستهامة‭   ‬27

إنتظر،‭ ‬بعد‭   ‬29

قليلاً،‭ ‬مدينةً‭   ‬31

أبواب‭ ‬المغيب‭   ‬33

الآن،‭ ‬أمامنا‭   ‬35

درز‭ ‬رهيف‭   ‬37

المجاذيف‭ ‬العناد‭   ‬39

ضوء‭ ‬بعيد‭   ‬41

الظلال،‭ ‬سرقةً‭   ‬43

سديدة،‭ ‬دون‭ ‬وجهة‭   ‬45

أعمال‭ ‬يديها‭   ‬47

نار‭ ‬عالية‭   ‬51

في‭ ‬السديم،‭ ‬هنا‭   ‬55

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سطوة‭ ‬المساء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الشراع،‭ ‬ثانيةً

 

ليسَ‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينامَ

قليلاً،‭ ‬ويصحو‭:‬

ينزعُ‭ ‬الهديرَ‭ ‬عن‭ ‬كتفيهِ‭ ‬

والجهاتِ‭ ‬عن‭ ‬صدرِهِ

ويخلِّصُ‭ ‬الهالاتِ‭ ‬من‭ ‬عرواتِ‭ ‬القميص‭.‬

 

أكانَ‭ ‬حقَّاً‭ ‬هباءً‭ ‬كُلُّ‭ ‬ما‭ ‬مَرَّ

رميةً‭ ‬قد‭ ‬ارتدَّتْ‭ ‬وانتهى‭ ‬الأمرُ

أولم‭ ‬يبق‭ ‬غيرُ‭ ‬قوسِ‭ ‬البدايةِ‭ ‬المشدودِ‭ ‬هذا؟

‭ ‬

الخزفُ‭ ‬الأزرقُ‭ ‬ما‭ ‬يزالُ‭ ‬مُهَدَّداً‭ ‬بِحُمْرَةٍ‭ ‬شفيفةٍ‭ ‬

والصَدْعُ‭ ‬في‭ ‬الجدارِ‭ ‬صاعدٌ‭ ‬في‭ ‬انشقاقِهِ‭ ‬

إلى‭ ‬السقفِ‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬ينخفضُ

والغبارُ،‭ ‬طلعُ‭ ‬الغيابِ

ذاهلٌ‭ ‬على‭ ‬الأشياءِ‭ ‬كُلِّها‭.‬

الماضي‭ ‬جالسٌ‭ ‬على‭ ‬الأريكةِ

فارداً،‭ ‬في‭ ‬انتظارِهِ،‭ ‬على‭ ‬الكرسيَّ‭ ‬ساقيهِ‭ ‬

عند‭ ‬النباتاتِ‭ ‬العديمةِ‭ ‬

في‭ ‬الهواءِ‭ ‬الثقيلِ‭ ‬

تحتَ‭ ‬الإطاراتِ‭ ‬التي‭ ‬تشدُّ‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬غادروا‭. ‬

 

كيفَ‭ ‬مَرَّتْ‭ ‬الأرضُ‭ ‬سريعةً

شاطئاً‭ ‬فشاطئاً؟

 

من‭ ‬الشُبَّاكِ،‭ ‬خلفَ‭ ‬الموجِ

لاحَ‭ ‬الشراعُ‭ ‬ذاتُهُ

الأبيضُ‭ ‬الممزَّقُ‭ ‬الذي‭ ‬يقودُ‭ ‬الرياح‭. ‬

 

 

 

 

 

أوراق،‭ ‬جذور

 

سَيِّدُ‭ ‬ما‭ ‬تبقَّى

يفتحُ،‭ ‬بعدَ‭ ‬ليلةِ‭ ‬الأمسِ،‭ ‬الستارة‭.‬

العصافيرُ‭ ‬غادرَتْ‭ ‬

والشجيراتُ‭ ‬مرميَّةٌ

هُنا‭ ‬وهُناكَ‭ ‬في‭ ‬انكسارها‭.‬

ليست‭ ‬في‭ ‬الأعالي‭ ‬الثمارُ‭ ‬

والأوراقُ‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تستمدُّ‭ ‬زهوتَها‭. ‬

 

صباحٌ‭ ‬رَخْوٌ،‭ ‬علاوةً‭ ‬

لا‭ ‬يستطيعُ‭ ‬أن‭ ‬يكملَ‭ ‬الليلَ‭ ‬

ولا‭ ‬أن‭ ‬يشدَّ‭ ‬نهاراً‭ ‬وراءه‭.‬

 

كان‭ ‬يريدُ‭ ‬صباحاً‭ ‬قويّاً

ليشاورَ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬نفْسَهُ

أأبدأُ‭ ‬من‭ ‬جديد؟

كان‭ ‬يريدُ‭ ‬أن‭ ‬يسألَ‭ ‬جذعاً‭ ‬واحداً‭ ‬لو‭ ‬تريَّثَ‭:‬

من‭ ‬أينَ‭ ‬الخرابُ‭ ‬هذا‭ ‬كُلُّهُ؟

أكانَ‭ ‬الأمرُ‭ ‬في‭ ‬الرياحِ،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬الجذور؟

 

هَوَتْ‭ ‬عيناهُ‭ ‬

على‭ ‬الياسمينةِ‭ ‬التي‭ ‬تسلَّقَتْ‭ ‬حياتَهُ‭ ‬وكلامَهُ

لم‭ ‬يبق‭ ‬شيء‭.‬

السماءُ‭ ‬تَرْمَدُّ‭ ‬أكثرَ‭ ‬

وهو‭ ‬واقفٌ،‭ ‬سيِّداً‭ ‬لما‭ ‬تبقَّى‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

الليل‭ ‬ومضة‭ ‬

 

لم‭ ‬يكن،‭ ‬إلى‭ ‬أينَ،‭ ‬يعرفُ‭ ‬

هذا‭ ‬البابُ‭ ‬يفضي‭.‬

ولا‭ ‬لماذا‭ ‬النباتاتُ‭ ‬عندَهُ

صفراءُ‭ ‬محنيَّةٌ‭.‬

وأكثرَ‭ ‬ما‭ ‬تحيّرَ‭ ‬منهُ‭ ‬الوردُ‭ ‬

ظمآنُ‭ ‬ساكتٌ،‭ ‬غيرُ‭ ‬مكترثٍ،‭ ‬حميماً‭ ‬

وقابضٌ‭ ‬على‭ ‬ألوانِهِ‭.‬

 

الخيولُ‭ ‬على‭ ‬الجدارِ‭ ‬

تَعْبَى،‭ ‬رماديةٌ‭ ‬

وتوشكُ،‭ ‬عند‭ ‬الغيمِ،‭ ‬سوداء‭.‬

 

لأيِّ‭ ‬أجْلٍ‭ ‬هو‭ ‬الآنَ‭ ‬هُنا؟‭ ‬

أليست‭ ‬لهُ،‭ ‬دون‭ ‬هذا،‭ ‬صحبةٌ‭ ‬

سحرٌ‭ ‬وأخيلةٌ‭ ‬وركوةٌ؟

أليسَ‭ ‬إلى‭ ‬نفْسِهِ‭ ‬الذئبُ‭ ‬أَمْيَلُ؟

ألم‭ ‬يقل‭ ‬هو‭ ‬نفْسُهُ‭ ‬مرَّةً‭:‬

أفقٌ‭ ‬إبرةٌ

عوسجٌ‭ ‬حائكٌ،‭ ‬إذَن؟

 

في‭ ‬خطفةٍ،‭ ‬لم‭ ‬يدرِ‭ ‬كيف،‭ ‬خارجاً

عادَ‭ ‬وجهُهُ‭ ‬يشبهُهُ‭.‬

الهواءُ‭ ‬ساحرٌ‭ ‬والظلالُ‭ ‬آياتٌ‭ ‬

والأشجارُ‭ ‬مشغولةٌ‭ ‬حَسْبُ‭ ‬في‭ ‬ثمارِها

والليلُ‭ ‬ومضةٌ‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

حطّابون‭ ‬

 

أسوارُكَ،‭ ‬ثغراتُها‭ ‬

تلكَ‭ ‬التي‭ ‬عبرناها‭ ‬كثيراً

ضاحكَيْنِ،‭ ‬تحتَ‭ ‬آخِرِ‭ ‬الثمار‭. ‬

 

الشِراكُ‭ ‬في‭ ‬نبرِكَ

والكلامُ‭ ‬المراوغُ

عند‭ ‬النبع‭ ‬الذي‭ ‬يجفّ‭ ‬من‭ ‬طفولتنا‭.‬

 

إختلافاتُكَ‭ ‬في‭ ‬طقسٍ‭ ‬واحدٍ

واختلافُ‭ ‬العشيَّات‭ ‬عليك‭. ‬

 

الخيطُ‭ ‬الذي‭ ‬قَصَّرَ

خيطُ‭ ‬عودتِكَ‭ ‬إنْ‭ ‬أَرَدْتَ

كُلُّ‭ ‬هذا،‭ ‬كُلُّ‭ ‬هذا‭.‬

 

أنتَ‭ ‬الآنَ‭ ‬أَسْمَرُ‭ ‬

من‭ ‬كثرةِ‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تأتِ‭ ‬البراعم‭.‬

والملامساتُ‭ ‬الكثيرةُ

للثمارِ‭ ‬التي‭ ‬غادرَتْ‭ ‬أوانَها‭ ‬

تشبُّ‭ ‬من‭ ‬عينيكَ

من‭ ‬بساتينَ‭ ‬بعيدة‭. ‬

 

ساهرٌ‭ ‬أنتَ،‭ ‬ما‭ ‬تزالُ،‭ ‬عند‭ ‬أسواركَ

عند‭ ‬ثغراتِها‭.‬

وحين‭ ‬لا‭ ‬عناقيدَ‭ ‬أيضاً

في‭ ‬عامِنا‭ ‬هذا

"للدنِّ‭ ‬ذاكرةٌ"،‭ ‬تقولُ

وإن‭ ‬الشتاءُ،‭ ‬ثانيةً،‭ ‬جاءَ‭ ‬بارداً،‭ ‬باردا

"نحنُ‭ ‬حطَّابونَ"،‭ ‬تُكْمِل‭. ‬

 

العتمةُ‭ ‬الناصعةُ‭ ‬هذهِ‭ ‬

أنتَ‭ ‬في‭ ‬نصفها‭ ‬الثالثِ‭ ‬صلَّبْتَني‭ ‬

"عَزْمُكَ،‭ ‬عزمُكَ،‭ ‬قد‭ ‬وصلنا‭ ‬

لم‭ ‬تبق‭ ‬أمامَنا‭ ‬غيرُ‭ ‬المتاهةِ‭ ‬هذِهِ

بعدَها،‭ ‬حَسْبُ،‭ ‬صحراءُ"‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

على‭ ‬حذر

 

أَعْلى‭ ‬من‭ ‬سُدفةٍ

على‭ ‬الفجرِ،‭ ‬انتظارُكَ‭.‬

إجلسْ‭ ‬إذَنْ

على‭ ‬الأريكةِ‭ ‬ذاتِها

كما‭ ‬لو‭ ‬أنَّها‭ ‬المرةُ‭ ‬الأولى،‭ ‬شروداً

وما‭ ‬شئتَ‭ ‬أوسِعْ‭ ‬بسمةَ‭ ‬الزعمِ‭.‬

 

أأجيءُ‭ ‬بالماءِ‭ ‬إلى‭ ‬يديكَ

متعبتين‭ ‬من‭ ‬البداهةِ؟

أأجيءُ‭ ‬بألفةِ‭ ‬الصحراءِ‭ ‬أخيلةً

ريماً‭ ‬حليماً‭ ‬آسراً

أم‭ ‬أنّكَ‭ ‬سوف‭ ‬تحترفُ‭ ‬الفداحةَ‭ ‬ــ

غيمةٌ‭ ‬بيضاءُ،‭ ‬حقلُ؟

 

على‭ ‬النارِ‭ ‬الشكيَّةُ

السكتُ‭ ‬ثلجٌ‭ ‬ويشتدُ

تلعثمْ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬دريئةً،‭ ‬نبوةً

أستبقى‭ ‬تواصلُ‭ ‬الكأسَ‭ ‬ذاتَها

على‭ ‬حذرٍ

وتخبِّئُ‭ ‬الغصَّاتِ‭ ‬في‭ ‬الكِبْرِ؟

 

إلى‭ ‬أين‭ ‬في‭ ‬إثركَ‭ ‬المنأى‭ ‬

وماذا‭ ‬بعدُ‭ ‬تنتوي؟

أتريدُ‭ ‬منطقاً‭ ‬عالياً

إلى‭ ‬الجوزاءِ،‭ ‬جوزاءينِ،‭ ‬للصمتِ؟ِ

أتريدُ‭ ‬أن‭ ‬يصبحَ‭ ‬العوسجُ‭ ‬شوكةً‭ ‬حسْبُ؟

 

 

 

 

 

 

غيمة،‭ ‬غيمتان‭ ‬

 

المساربُ‭ ‬ليس‭ ‬تُفْضِي

هَهُنا،‭ ‬إلى‭ ‬نبأةٍ‭.‬

وفي‭ ‬اختلافِكَ‭ ‬صافناً

بين‭ ‬صمتٍ‭ ‬وصمتٍ

لائذاً،‭ ‬ضَمَّةً،‭ ‬بالكسرِ‭ ‬

لن‭ ‬تستسيغَ،‭ ‬بعدُ

أن‭ ‬تقولَ‭ ‬الشمسُ‭ ‬بعدَ‭ ‬غيمةٍ

أو‭ ‬غيمتين‭.‬

 

لا‭ ‬سرابَ‭ ‬لتستدلَّ

في‭ ‬المجازاتِ‭ ‬الضيِّقةِ

حولَ‭ ‬المنزلِ‭ ‬العديمِ‭  ‬هذا‭. ‬

والليلُ‭ ‬الذي‭ ‬دونما‭ ‬عشيَّةٍ

نهارُهُ‭ ‬دونَ‭ ‬فجرٍ‭ ‬دائماً‭.‬

 

تسمعُ‭ ‬الآنَ‭ ‬صَخَبَاً

أو‭ ‬كأنَّكَ‭ ‬

زُرْقَةً‭ ‬وأشرعةً‭ ‬وشيئاً‭ ‬مثلَ‭ ‬تلويحةٍ‭ ‬

وتسمعُ‭ ‬مطراً‭ ‬غائباً

على‭ ‬نوافذَ‭ ‬ليست‭ ‬هُنا‭. ‬

 

إفتحْ‭ ‬البابَ‭ ‬العديمَ‭ ‬هذا،‭ ‬إذَن‭.‬

واصغِ‭ ‬عميقاً‭ ‬إلى‭ ‬وقعكَ

دونَ‭ ‬خطوٍ

تحتَ‭ ‬غفوةِ‭ ‬الشمسِ

بينما‭ ‬يتماسكُ‭ ‬الثَمَرُ‭.‬

 

 

 

 

 

 

في‭ ‬نفرةٍ،‭ ‬أليفاً

 

وَشْكَاً‭ ‬لوخزةٍ‭ ‬

تشدُّ‭ ‬ظلَّكَ‭ ‬خلفكَ

حينما‭ ‬الندى‭.‬

وإذ‭ ‬ترتدُّ،‭ ‬راكداً

دونَ‭ ‬رعدةِ‭ ‬الفجرِ‭ ‬الذي‭ ‬تشتهي‭ ‬

تُغْضِي‭ ‬على‭ ‬غيمةٍ،‭ ‬وتحنو‭.‬

 

ترفٌ‭ ‬عطشُ‭ ‬الكلامِ

على‭ ‬يديكَ،‭ ‬إلى‭ ‬البداهةِ‭.‬

أنتَ‭ ‬قد‭ ‬عاليتَ‭ ‬عتماً،‭ ‬سُدْفَةً‭ ‬سُدْفَةً‭ ‬

وعرفتَ‭ ‬من‭ ‬خَفَضٍ

أنَّ‭ ‬بينَ‭ ‬الظِلِّ‭ ‬وارتعاشتِهِ

مسافةً‭ ‬منأى

ولاوذتَ‭ ‬أفقاً‭ ‬ضاقَ‭ ‬كُلَّما‭ ‬اقترب‭. ‬

 

كيفَ‭ ‬استطعتَ‭ ‬أنْ،‭ ‬في‭ ‬سرحةٍ

تستعيدَ‭ ‬من‭ ‬الرتاجِ‭ ‬البعيدِ‭ ‬انتظاراتكَ‭ ‬كُلَّها

وتنتظرُ؟

كيفَ،‭ ‬وأنتَ‭ ‬في‭ ‬ارتيابِكَ،‭ ‬لم‭ ‬تلتبس‭ ‬

بين‭ ‬محابسِ‭ ‬الوردِ

والياسمينِ‭ ‬الذي‭ ‬يتسلَّقُ‭ ‬الأسوار؟

ثُمَّ‭ ‬كيفَ‭ ‬لبثتَ‭ ‬في‭ ‬نفرةٍ‭ ‬أليفاً‭ ‬وتُؤتَلَفُ؟‭ ‬

 

سَرَفٌ‭ ‬منكَ‭ ‬هذا‭ ‬السُّدى‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

شواطئ‭ ‬مستهامة‭ ‬

 

هل‭ ‬تأسَّيْتَ

تارةً‭ ‬إذ‭ ‬تنوَّرْتَ‭ ‬من‭ ‬ثمالةٍ‭ ‬دَفَّةً

ومن‭ ‬قبلِ‭ ‬تاراتٍ‭ ‬

وقد‭ ‬أُرْعِشَتْ‭ ‬من‭ ‬وجْدَةٍ‭ ‬منكَ‭ ‬اليدُ؟

 

كم‭ ‬تَلَبَّثْتَ‭ ‬واصلاً‭ ‬عُمْراً‭ ‬بعمرٍ‭ ‬ــ

الفجرُ‭ ‬خيطٌ‭ ‬ذاهلٌ‭ ‬

العشيَّةُ‭ ‬إبرةٌ

وكُلَّما‭ ‬مَزْقٌ‭ ‬تعودُ‭ ‬وتبدأُ‭. ‬

 

أأدركْتَ‭ ‬بعدَ‭ ‬عمرينِ

ما‭ ‬تركْتَ‭ ‬دونَ‭ ‬تَلَفُّتٍ‭.‬

أصاغتْكَ‭ ‬العشيَّاتُ‭ ‬

من‭ ‬غيرِ‭ ‬رجعةٍ

ملتبساً،‭ ‬مثلَها،‭ ‬سدفةً‭.‬

البحرُ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مترينِ‭ ‬بعد‭ ‬البابِ

لم‭ ‬يعد‭ ‬حيلةَ‭ ‬النافذة‭. ‬

خرجْتَ،‭ ‬لكنَّكَ،‭ ‬قبلَ‭ ‬الشمسِ‭ ‬

بعد‭ ‬كرومٍ‭ ‬كثيرةٍ‭ ‬

وهتفْتَ‭: ‬موجةٌ‭.‬

 

تَلَبّثَتْ‭ ‬بعينيكَ‭ ‬بعدَها‭ ‬

شواطئُ‭ ‬مستهامةٌ‭ ‬

وفي‭ ‬يديكَ‭ ‬تألَّقَتْ‭ ‬هزَّةُ‭ ‬الأشرعة‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

إنتظر،‭ ‬بعد

 

ستراهُ‭ ‬إنْ‭ ‬جلسْتَ‭ ‬هُنا‭ ‬

واضحاً،‭ ‬عندما‭ ‬يجيء‭.‬

خطوةٌ‭ ‬وَتَرٌ

شحوبُ‭ ‬شوكةٍ‭.‬

 

سوف‭ ‬ينطوي‭ ‬في‭ ‬الظلِّ

خلفَ‭ ‬طاولةٍ‭ ‬أمامَكَ‭:‬

قهوةٌ،‭ ‬كوبُ‭ ‬ماءٍ‭ ‬

سوف‭ ‬ينتظرانِهِ

ذاهبَيْنِ‭ ‬كُلٌّ‭ ‬في‭ ‬وِجْهَةٍ‭.‬

 

لا‭ ‬تظنُّ‭ ‬أنَّهَ‭ ‬استحالَ‭ ‬حجراً‭ ‬دون‭ ‬رفّةٍ‭. ‬

وإنْ‭ ‬غابَ‭ ‬وجهُهُ‭ ‬في‭ ‬ركنِهِ

فاعلم‭ ‬أنّهَا‭ ‬العشيَّةُ

أدركَتْهُ،‭ ‬فأعتمته‭.‬

بعد‭ ‬نصفِ،‭ ‬أو‭ ‬ساعةٍ،‭ ‬ربَّما

سيأخذُ‭ ‬رشفةً‭.‬

شارباً،‭ ‬قبلُ،‭ ‬من‭ ‬ماءٍ‭ ‬فاترٍ‭. ‬

ثُمَّ‭ ‬لن‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬حياتِكَ‭ ‬مِدْيَةً‭ ‬

آنها،‭ ‬مثلَ‭ ‬بسمتِهِ‭. ‬

 

وانتظِرْ،‭ ‬بعدُ‭.‬

سوف‭ ‬يأتونَ‭ ‬

وسيبدؤونَ،‭ ‬صاخبينَ

تحتَ‭ ‬الضوءِ‭ ‬سهرتَهم‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

قليلاً،‭ ‬مدينةً‭ ‬

 

هُنا،‭ ‬سيهدؤونَ،‭ ‬قليلاً،‭ ‬مدينةً‭.‬

تعبوا،‭ ‬تعبَتْ‭ ‬قطعانُهم

والقمحُ‭ ‬في‭ ‬أكياسِهم‭ ‬يرعشُ‭. ‬

 

سيجرحونَ‭ ‬الزمانَ،‭ ‬هُنا

منازلَ‭ ‬مثلَ‭ ‬خيالِهم

عشواءَ‭ ‬جانحةً‭ ‬

تطيشُ،‭ ‬غُرْفَةً‭ ‬غُرْفَةً

من‭ ‬قوسِ‭ ‬أعمارِهم‭ ‬في‭ ‬الأزل‭. ‬

 

سيبرؤونَ‭ ‬الطينَ‭ ‬آنيةً

أقداماً‭ ‬فوق‭ ‬سطحِ‭ ‬البحرِ

ذاهلاً‭ ‬هشَّاً،‭ ‬وأكثرَ‭ ‬حِكْمَةً‭.‬

 

فجأةً،‭ ‬على‭ ‬مَهَلٍ‭ ‬

يرفعونَ‭ ‬رؤوسَهم‭ ‬الى‭ ‬الأعالي‭ ‬

ويُطْرِقونَ،‭ ‬ساكتين‭.‬

إنّهم‭ ‬يسمعونَ‭ ‬طراوةَ‭ ‬النحاسِ‭ ‬

بين‭ ‬النهرينِ،‭ ‬في‭ ‬التَشَكُّل‭.‬

إنَّهم‭ ‬يسمعونَهُ‭ ‬يَرِنُّ

صيحةً،‭ ‬صيحةً،‭ ‬في‭ ‬الأبد‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبواب‭ ‬المغيب‭ ‬

 

المعتمونَ‭ ‬في‭ ‬هالةٍ،‭ ‬مُرِّي‭ ‬بنا‭.‬

أَرْجِعي‭ ‬إلى‭ ‬عيونِنا‭ ‬سرحةَ‭ ‬الأفقِ

ربَّما‭ ‬يستدلُّ‭ ‬إلى‭ ‬خطوِنا‭ ‬وَقْعُهُ‭.‬

عَلِّمي‭ ‬دروبَنا‭ ‬زهوةَ‭ ‬الصبحِ‭ ‬ثانيةً‭ ‬

علَّنا،‭ ‬أمامَ‭ ‬عتباتِنا

نستردُّ‭ ‬هيئتَنا‭. ‬

 

نحن‭ ‬أضعنا‭ ‬أبوابَنا‭ ‬

فارتبكَتْ‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬مفاتيحُنا‭ ‬

وظلالُنا‭ ‬صَغُرَتْ

والشمسُ‭ ‬الى‭ ‬المغيب‭. ‬

 

نَعْثِرُ‭ ‬مَرَّةً،‭ ‬وَمرَّةً‭ ‬لا‭ ‬نهتدي‭ ‬

ولا‭ ‬نعرف،‭ ‬ثالثةً

أين‭ ‬نخبِّئُ‭ ‬ما‭ ‬استعصى‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬وَمْضِنا‭.‬

القادمونَ‭ ‬من‭ ‬عسلٍ‭ ‬قويٍّ

نأخذُ‭ ‬الآنَ‭ ‬شكلَ‭ ‬زهرةٍ‭ ‬لا‭ ‬تشبهُ‭ ‬نسغَها.

مُرِّي‭ ‬ولو‭ ‬لمرَّةٍ‭ ‬أخيرةٍ‭ ‬بِنا‭ ‬

أنتِ‭ ‬نحلتُنا‭ ‬الخبيرةُ‭ ‬في‭ ‬التباساتِ‭ ‬الرحيق‭.‬

أنتِ‭ ‬عصفٌ‭ ‬يرتِّبُ‭ ‬أوراقَنا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الآن،‭ ‬أمامنا

 

هو‭ ‬ليس‭ ‬الصباحُ‭ ‬الذي‭ ‬سهرنا‭ ‬

وتطاولَتْ‭ ‬أشجارُنا‭ ‬من‭ ‬أجلِهِ‭ ‬

لكنَّه‭ ‬واضحُ‭ ‬المساءِ‭ ‬كفايةً‭. ‬

 

أنقولُ‭ ‬السنابلُ‭ ‬استيقظَتْ‭ ‬على‭ ‬مجيئِهِ

واستيقظَ‭ ‬الأفقُ؟

ونذهبُ‭ ‬واثقِينَ،‭ ‬ربّما

على‭ ‬دروبٍ‭ ‬رخوةٍ‭ ‬

إلى‭ ‬مواسمَ‭ ‬ندَّعيها؟

 

أنزعمُ‭ ‬أنَّها‭ ‬تشرقُ‭ ‬الآنَ‭ ‬علينا‭ ‬

بينما‭ ‬نمضي

بلا‭ ‬ظلالٍ

في‭ ‬عتمةٍ‭ ‬طويلة؟

 

هو‭ ‬ليس‭ ‬صباحاً‭ ‬عفيّاً‭. ‬

لكنَّهُ‭ ‬ينذرُ

بالعشيَّةِ‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬انتظارنا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

درز‭ ‬رهيف‭ ‬

 

قد‭ ‬تكونُ‭ ‬تنتوي‭ ‬أنْ‭ ‬تُصَلِّي‭.‬

ولعلّها،‭ ‬بعد‭ ‬سلامينِ

تاركةً‭ ‬للفراغِ‭ ‬نفْسَها‭.‬

يدُها‭ ‬على‭ ‬شالِها‭ ‬

تستتبعُ‭ ‬الدرْزَ‭ ‬الرهيفَ‭ ‬

واقفةً‭ ‬عند‭ ‬انقطاعِ‭ ‬الخيط‭. ‬

 

أتكونُ‭ ‬تستدرجُ‭ ‬اليمامَ‭ ‬إلى‭ ‬صباحِها

نَفُوراً‭ ‬من‭ ‬البابِ،‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬التحيّاتِ‭ ‬

من‭ ‬العتباتِ،‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬الخُطى‭ ‬

تستعجلُ‭ ‬ما‭ ‬اصفرَّ‭ ‬من‭ ‬أوراقِ‭ ‬الدالية؟

 

هي‭ ‬الآنَ،‭ ‬كيفما،‭ ‬في‭ ‬الكثافةِ‭ ‬الغريبةِ‭ ‬

كثافةِ‭ ‬ألّا‭ ‬يكونَ‭ ‬أحد‭.‬

تسمعُ‭ ‬كيفَ‭ ‬كنتَ‭ ‬تَشُقُّ‭ ‬الهواءَ

جذوةً‭ ‬نحوَها‭ ‬

وكيفَ‭ ‬كانَ‭ ‬الهواءُ‭ ‬يستديرُ‭ ‬

ليملأَ‭ ‬الفراغَ‭ ‬ثانيةً؛‭ ‬الفراغُ‭ ‬دائماً‭. ‬

 

أذاهبٌ‭ ‬أنتَ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشتاءِ‭ ‬المُرِّ

منطفئاً،‭ ‬إليها؟‭ ‬

كيف‭ ‬تهتدي‭ ‬إليكَ،‭ ‬دونَ‭ ‬نارِكَ؟‭ ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المجاذيف‭ ‬العِناد

 

من‭ ‬شهقةٍ‭ ‬في‭ ‬زنقةِ‭ ‬الشمسِ‭ ‬

من‭ ‬سندسٍ،‭ ‬في‭ ‬ارتيابِ‭ ‬الفجرِ‭ ‬يحجبُها‭ ‬

المستريبةُ‭ ‬السافرة‭. ‬

 

شراعٌ‭ ‬بعيدٌ‭ ‬أطْلَساً‭ ‬إلى‭ ‬البحرِ‭ ‬

زرقةٌ،‭ ‬لا‭ ‬مراكبً

زرقةٌ،‭ ‬المجاذيفُ‭ ‬العِناد‭.‬

رقَّةٌ،‭ ‬رِقَّةٌ

موجةٌ‭ ‬في‭ ‬السرِّ‭ ‬تعلو‭ ‬وتنكسرُ‭.‬

 

لكنَّهُ‭ ‬الكوفيُّ

قاسٍ‭ ‬هُنا‭ ‬من‭ ‬غربةٍ‭ ‬ومؤتلفٌ

عَصيٌّ‭ ‬ويهجس‭.‬

 

من‭ ‬سيرابطُ‭ ‬الآنَ‭ ‬بينَ‭ ‬السرو‭ ‬والندى

من‭ ‬سيوحِّدُ‭ ‬سيفاً‭ ‬ورحمةً‭.‬

من‭ ‬يعلِّمُ‭ ‬القرويينَ،‭ ‬ثانيةً

درساً‭ ‬في‭ ‬رهافةِ‭ ‬الفيروز‭.‬

مُرِّي،‭ ‬إذَنْ،‭ ‬ملحونَةً‭ ‬طَروباً

رياحَ‭ ‬الشمالِ،‭ ‬مُرِّي‭. ‬

 

من‭ ‬نسيجٍ‭ ‬ذاهلٍ‭ ‬وحبكةٍ‭.‬

كان‭ ‬عارياً‭ ‬حينها‭ ‬الأقحوانُ‭ ‬وفاجراً

والماءُ‭ ‬طائشاً‭ ‬من‭ ‬الأعالي‭ ‬

وكان‭ ‬في‭ ‬البُعدِ‭ ‬صفصافٌ‭ ‬خجول‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

ضوء‭ ‬بعيد

 

بقسوةٍ‭ ‬بارداً‭ ‬

يشدُّ‭ ‬الخريفُ‭ ‬إليهِ‭ ‬أشجارَنا‭ ‬العارية‭.‬

لو‭ ‬تحرِّرينَ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ،‭ ‬العصافيرَ

من‭ ‬أطرافِ‭ ‬أصابعكِ

وتُفْرِجينَ،‭ ‬بسمةً‭ ‬صغيرةً،‭ ‬بسمةً

عن‭ ‬هذِهِ‭ ‬الصيحةِ‭ ‬الحبيسةِ‭ ‬التي‭ ‬أراها‭. ‬

 

غَنِّي،‭ ‬أيمكنُ‭ ‬أن‭ ‬نُغَنِّي‭ ‬

كما‭ ‬لو‭ ‬أنَّنا،‭ ‬خفيفَينِ،‭ ‬يداً‭ ‬في‭ ‬يدٍ

نحتمي‭ ‬بالظلالِ‭ ‬تحت‭ ‬شمسٍ‭ ‬قويَّةٍ؟

أتظلِّينَ‭ ‬هكذا،‭ ‬تعزِّزينَ‭ ‬النارَ

جميلةً‭ ‬أكثرَ‭ ‬ممَّا‭ ‬ينبغي‭ ‬وساكتة؟

 

العتمُ‭ ‬يشتدُّ

والضوءُ‭ ‬البعيدُ،‭ ‬سلوتُنا‭ ‬الوحيدةُ‭ ‬

ذاك‭ ‬الذي،‭ ‬منذُ‭ ‬البدءِ‭ ‬

شيئاً،‭ ‬كان‭ ‬يكبو،‭ ‬فشيئاً‭ ‬

يكادُ‭ ‬الآنَ‭ ‬ينطفئ‭.‬

 

تعالي‭ ‬إليَّ،‭ ‬أكثرَ،‭ ‬أكثرَ

أريدُ‭ ‬ألَّا‭ ‬أعرفَ‭ ‬من‭ ‬يدي‭ ‬يدَكِ‭. ‬

وحاذري‭ ‬أن‭ ‬ننامَ

سيطبقُ‭ ‬الثلجُ‭ ‬علينا‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الظلال،‭ ‬سرقةً‭ ‬

 

النارُ‭ ‬هذِهِ‭ ‬ترانا‭. ‬

زَنْدُها‭ ‬يستدرجُ‭ ‬الحريرَ‭ ‬مبتعداً،‭ ‬قربَها

ساخناً‭ ‬في‭ ‬الظلالِ،‭ ‬في‭ ‬الكلام‭. ‬

 

الحريرُ‭ ‬قيدُهُ‭ ‬على‭ ‬الشَغَفِ‭ ‬

خفيفاً‭ ‬من‭ ‬الجرحِ‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬جرحٌ‭ ‬لأنَّهُ‭ ‬دائمٌ

غزالٌ‭ ‬ولوعةٌ،‭ ‬وليس‭ ‬يلتئمُ‭. ‬

 

الكلامُ‭ ‬شَرَكٌ‭ ‬أهدابُهُ‭ ‬على‭ ‬اللَّهبِ‭ ‬

وَشْكَاً‭ ‬ثُمَّ‭ ‬يرتدُّ‭.‬

سرقةً‭ ‬يسحبُ‭ ‬الظلال‭ ‬إلى‭ ‬انخطافِها‭.‬

غمدٌ‭ ‬لنصلينِ‭ ‬مُشْهَرينِ‭ ‬

ماءُ‭ ‬زهرٍ،‭ ‬صيحةٌ‭.‬

 

الصيحةُ‭ ‬سلَّةُ‭ ‬الجمرِ‭. ‬

شُبْهَةً‭ ‬يأخذُ‭ ‬ماءُ‭ ‬الزهرِ‭ ‬نبرتَها‭ ‬

خفيضاً‭ ‬ويجرحُ‭ ‬الليلَ‭ ‬

قريباً‭ ‬من‭ ‬النارِ‭ ‬التي‭ ‬ترانا‭ ‬

من‭ ‬زَنْدِها‭ ‬العاري‭. ‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سديدة،‭ ‬دون‭ ‬وجهة‭ ‬

 

مشدودةٌ‭ ‬على‭ ‬نَعَسٍ‭. ‬

كأنَّها‭ ‬فرَّتْ‭ ‬من‭ ‬النارنجِ،‭ ‬دونَ‭ ‬صيحةٍ‭ ‬

وكانوا‭ ‬يصنعونَ‭ ‬العطرَ‭ ‬ــ

قوسٌ‭ ‬عنيدٌ‭ ‬كأنَّها،‭ ‬بلا‭ ‬دريئةٍ،‭ ‬ضوعةً‭.‬

 

تمضي‭ ‬مع‭ ‬العيدِ،‭ ‬مستريبةً‭ ‬من‭ ‬الهدايا‭.‬

لائذةٌ‭ ‬بالهواءِ‭ ‬نارُها

خائفةٌ‭ ‬وتعلو

دونَ‭ ‬شَفَقٍ،‭ ‬هونَةً،‭ ‬إلى‭ ‬الومضِ‭.‬

 

نصلٌ‭ ‬نبرُها،‭ ‬آنها

عارفٌ‭ ‬بالكلامِ‭ ‬والوقعِ‭ ‬

راعشٌ‭ ‬في‭ ‬الصليلِ

قبلَ‭ ‬الجُرحِ،‭ ‬غالبٌ‭. ‬

 

أَلَقٌ،‭ ‬دمعةٌ‭ ‬،‭ ‬برعمٌ‭ ‬ينشَقُّ

نَوْرٌ‭ ‬في‭ ‬وَشْكِهِ‭ ‬ويلتبسُ‭ ‬ــ

ماءُ‭ ‬نارٍ،‭ ‬رحمةٌ‭.‬

 

الصيحةُ‭ ‬الآن‭.‬

‭ ‬الصيحةُ‭ ‬من‭ ‬أغوارٍ‭ ‬عميقةٍ‭ ‬

سديدةٌ‭ ‬دونَ‭ ‬وِجْهَةٍ‭.‬

موجٌ‭ ‬ويعلو،‭ ‬وأشرعةٌ‭ ‬وخطفٌ

والمحارةُ‭ ‬محروسةٌ،‭ ‬بعدُ

والدرُّ‭ ‬جذوةٌ‭.‬

 

رَمْيَتُها،‭ ‬رَمْيَتُها

طائشةً

وليس‭ ‬تخطئُ‭ ‬قوسُها‭.‬

 

 

 

أعمال‭ ‬يديها

 

من‭ ‬الثُّرَيَّا‭ ‬نازلٌ‭ ‬قميصٌ‭.‬

والتبغُ‭ ‬مطفأٌ

هنا‭ ‬وهناكَ،‭ ‬في‭ ‬سرعةٍ‭ ‬

وعلى‭ ‬البساطِ‭ ‬بُكْلَةٌ،‭ ‬وزوبعة‭.‬

‭ ‬

إناءُ‭ ‬الزهرِ‭ ‬مكسورٌ‭ ‬عندَ‭ ‬زاويةِ‭ ‬الجدار‭.‬

والمتاهةُ‭ ‬من‭ ‬غرفةِ‭ ‬النومِ‭ ‬إلى‭ ‬الجلوسِ‭ ‬مَلْأى‭ ‬

بكُلِّ‭ ‬ما‭ ‬يمكنُ‭ ‬أن‭ ‬يُهَشَّمَ‭ ‬في‭ ‬رميةٍ‭. ‬

 

أُلَملِمُ‭ ‬هادئاً‭ ‬مثلَ‭ ‬جمرةٍ

في‭ ‬غيابِها،‭ ‬أجزاءَها‭. ‬

أستدركُ‭ ‬الزهرَ،‭ ‬ثانيةً،‭ ‬قبلَ‭ ‬أن‭ ‬يذوي‭ ‬ــ

‭ ‬الطيورُ‭ ‬على‭ ‬الوسائدِ

تَرْعِشُ‭ ‬في‭ ‬ارتسامِها

والثعلبُ‭ ‬القماشُ‭ ‬كَفَّ‭ ‬يبتسم‭. ‬

لو‭ ‬أنَّها‭ ‬لا‭ ‬تعود‭.‬

لو‭ ‬أنَّ‭ ‬جحيماً‭ ‬تأخذُها‭ ‬

لو‭ ‬أستطيعُ،‭ ‬في‭ ‬الأقلِّ

أنْ‭ ‬أُهَدِّئَ‭ ‬ذئبَ‭ ‬ذاكرتِها‭ ‬المجروحَ‭ ‬هذا‭. ‬

 

لا‭ ‬حدَّ‭ ‬لأعمالِ‭ ‬يديها‭. ‬

حكيمةٌ‭ ‬على‭ ‬الشوكةِ

والأوراقُ‭ ‬تذبلُ

فائرةٌ‭ ‬وصامتةٌ‭ ‬إلّا‭ ‬عندما‭ ... ‬

 

هو‭ ‬ذا‭ ‬خطُوها،‭ ‬يعلو‭ ‬وتقتربُ‭ ‬

وإنّني‭ ‬من‭ ‬خطوِها‭ ‬أمسيتُ‭ ‬أعرفُها

سريعٌ،‭ ‬وقحٌ،‭ ‬نافرٌ

تكادُ‭ ‬توشكُ،‭ ‬من‭ ‬فجورِها،‭ ‬أنْ‭ ‬قبلَهُ‭ ‬تصل‭.‬

 

ما‭ ‬الذي‭ ‬أفعلُ‭ ‬الآن؟

أأجعلُها‭ ‬ترشقُ‭ ‬الجدارَ‭ ‬بالزهرِ‭ ‬ثانيةً

وتسفقُ‭ ‬البابَ‭ ‬خلفَها

تاركةً،‭ ‬كعادتِها

كلاماً‭ ‬فادحاً‭ ‬مثلَها‭ ‬يرنُّ؟

أأسحبِ‭ ‬أيَّامي‭ ‬من‭ ‬أيَّامِها

فينهارُ‭ ‬عمرُنا‭ ‬معاً؟

 

هي‭ ‬ذي‭ ‬يداورُ‭ ‬البابَ‭ ‬مفتاحُها

تطيِّرُ‭ ‬في‭ ‬الهواءِ‭ ‬معطفَها‭ ‬وشالَها

وتقصُّ‭ ‬في‭ ‬مرحٍ‭ ‬على‭ ‬ركبتي‭ ‬

كيف‭ ‬مرَّ‭ ‬نهارُها‭ ‬بها‭.‬

وهأنذا‭ ‬أنسى‭ ‬كُلَّ‭ ‬شيءٍ‭ ‬لها

إلّا‭ ‬قداسَتها‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

‭ ‬

 

 

 

نار‭ ‬عالية‭ ‬

 

رَوْعٌ‭ ‬وَخْزَةٌ‭ ‬

يَفِزُّ‭ ‬من‭ ‬كُلِّها،‭ ‬من‭ ‬أيّما،‭ ‬وتشحب‭.‬

تطمئنُّ‭  ‬غَلْوَةً

بعدَها،‭ ‬وتستريبُ‭. ‬

 

مساؤها‭ ‬سطوةٌ‭. ‬

يَفِرُّ‭ ‬من‭ ‬يدِها‭ ‬الكلامُ‭ ‬في‭ ‬نَزَقٍ

طائعاً،‭ ‬فتحتدُّ‭:‬

عصفٌ‭ ‬وأغصانٌ‭ ‬

زهرُ‭ ‬لوزٍ،‭ ‬وتغفو‭.‬

 

تغفو‭ ‬لَبْثَةً

إلى‭ ‬سَلَسٍ،‭ ‬وتنتبِهُ‭:‬

خطواتٌ‭ ‬على‭ ‬الدرجاتِ

خطواتٌ‭ ‬عند‭ ‬البابِ‭ ‬تُبطئُ،‭ ‬ُ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬تَرْقى‭.‬

إنَّهُ،‭ ‬حَسْبُ،‭ ‬طبْعُها‭.‬

أو‭ ‬ربَّما‭ ‬وقعٌ

غادَرَ‭ ‬الأقدامَ‭ ‬التي‭ ‬رحلَتْ

لائذاً‭ ‬بمنازلِ‭ ‬الوَهَجِ‭ ‬الذي‭ ‬أَفَلَ‭. ‬

 

لا‭ ‬يعرفُ‭ ‬اللوزُ‭ ‬المرارةَ‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬انغلاقِها

والكَسْرُ‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬نَبْرِها‭ ‬رَبْكَةٌ‭.‬

كأنَّها،‭ ‬وهي‭ ‬حَدِّي،‭ ‬جريمةٌ‭ ‬وغِمْدٌ

كأنَّ‭ ‬شحوبَها،‭ ‬إلى‭ ‬شماليَ،‭ ‬نَصْلٌ،‭ ‬أدلَّةَ‭. ‬

 

لأنها‭ ‬شفيفةٌ،‭ ‬ونارُها‭ ‬عالية‭.‬

تستدركُ‭ ‬عوسَجَاً

من‭ ‬سياجِها‭ ‬الذي‭ ‬ضلَّلَتْهُ‭ ‬المواسم‭. ‬

لأن‭ ‬صباحاً‭ ‬نَفُكُّ‭ ‬أزرارَهُ‭ ‬معاً

ليس‭ ‬يصحو‭.‬

 

كيفَ،‭ ‬أعزلَيْنِ‭ ‬هكذا‭ ‬

سنواجهُ‭ ‬الوسنَ‭ ‬الغائبَ‭ ‬هذا‭ ‬كلَّهُ؟

كيف،‭ ‬دونَ‭ ‬حيلةٍ

سنفلِتُ‭ ‬ممَّا‭ ‬تقودُنا‭ ‬إليهِ‭ ‬شمسٌ‭ ‬ليسَ‭ ‬تأتي؟

ثُمَّ‭ ‬كيفَ‭ ‬من‭ ‬شرفةٍ‭ ‬لا‭ ‬تُطِلُّ

سأشدُّ‭ ‬أظافرَ‭ ‬الروعِ‭ ‬من‭ ‬حريرِ‭ ‬سَرْحَتِها‭.‬

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في‭ ‬السديم،‭ ‬هنا‭ ‬

 

لا‭ ‬قريبةٌ

ولا‭ ‬البحرُ‭ ‬هادئٌ‭ ‬إليها‭.‬

والشجرُ‭ ‬الكابي

في‭ ‬السديمِ‭ ‬هُنا‭ ‬

والثمارُ‭ ‬الفجَّةُ‭ ‬الهاويةُ‭ ‬

والأشواكُ‭ ‬التي‭ ‬وحدَها‭ ‬تريَّثَتْ

كُلُّهُ‭ ‬نذيرُها‭. ‬

 

لكنْ،‭ ‬وقد‭ ‬عزمْتَ،‭ ‬إنتبِهْ‭.‬

السفينةُ‭ ‬هذِهِ

بأضوائِها‭ ‬وألوانِها

بزوارقِ‭ ‬النجاةِ‭ ‬التي‭ ‬تراها‭ ‬حولَها

بمجاذيفِها‭ ‬الكثيرةِ‭ ‬

ليست‭ ‬إلّا‭ ‬من‭ ‬الضلالةِ

عندما‭ ‬تستفيق‭.‬

‭ ‬خُذْ‭ ‬عَنِّي‭ ‬ما‭ ‬علَّمتني‭ ‬نَبْوَتي‭.‬

أَبْحِرْ‭ ‬من‭ ‬جهةِ‭ ‬المركبِ‭ ‬ذاتِهِ‭ ‬الذي‭ ‬تحطَّمَ‭ ‬

بين‭ ‬المناراتِ‭ ‬الشحيحةِ‭ ‬ذاتِها‭ ‬

على‭ ‬بقيَّةٍ‭ ‬مِنْهُ‭ ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬ميَّزْتَها

منذُ‭ ‬البدءِ،‭ ‬نجوةً‭ ‬

بلا‭ ‬وداعٍ‭ ‬أو‭ ‬رايةٍ‭ ‬

دون‭ ‬زهوِ‭ ‬المسافرِ،‭ ‬لكنْ‭ ‬بِعَزْمِهِ‭. ‬

 

وانتبِهْ‭ ‬أيضاً‭:‬

لا‭ ‬يحجبُ‭ ‬السديمُ‭ ‬وِجْهَةً‭ ‬عن‭ ‬البصيرةِ

أنتَ‭ ‬تعرفُ

والتِيهُ‭ ‬يبدأُ‭ ‬منك‭.‬

‭ ‬

لا‭ ‬تشاورْ

إذا‭ ‬عصفَتْ‭ ‬بِكَ‭ ‬الريحُ،‭ ‬نفْسَكَ

وتَشَبَّثْ‭ ‬إنْ‭ ‬علا‭ ‬الموجُ

باتجاهِكَ،‭ ‬بِكِلْتا‭ ‬يديكَ

يديكَ‭ ‬اللتينِ‭ ‬ستهويانِ‭ ‬إلى‭ ‬جانبيكَ‭ ‬

عندما‭ ‬لا‭ ‬تجدُ،‭ ‬ربَّما،‭ ‬أحداً‭ ‬هُناك‭.‬